كتب يوسف معاطي
لقد تغيرت تماما
لا أعرف كيف حدث هذا؟! كل شيء تم في لحظة, لقد تغيرت في لحظة واحدة, صرت شخصا آخر, أقسم بالله العظيم انني اندهشت من نفسي, صرت حتي غريبا كما قال الشاعر العظيم أمل دنقل والحكاية انني كنت أضيق بالنقد, أضيق جدا واعترف بذلك, كان النقد يخنقني يملؤني بذلك الشعور بالاضطهاد, وفجأة صار النقد يسعدني, حتي الهجوم علي صار يفرحني جدا, أفقت علي هذا الاحساس الرائع فجأة, كمن يفيق من نوبة حرارة عالية علي العرق الغزير, تخيلت لو انني طوال رحلتي في الكتابة لم يهاجمني أحد: ماذا كان سيصبح مصيره,, أتأمل بداياتي الركيكة واتعجب, ماذا لو كانوا تركوني هكذا! بالتأكيد كنت سأصبح الآن لاشيء, لقد انقذوني من الهلاك, وهل أنا الان صرت شيئا؟!
لاأعرف, ربما لازلت مستمرا في ركاكتي واخطائي وهم لايزالون يهاجمونني إذن هناك أمل في أن أصبح شيئا يوما ما.. ولنفرض يعني انني عشت ومت دون ان أعمل شيئا له قيمة, ألا يكفي انني حاولت؟! ان المحاولة نفسها, شيء لماذا لم أكن اتقبل النقد؟! ان الانسان كائن يتنفس ويأكل ويشرب وينقد, ألا نعترض نحن علي السيناريو الالهي الذي رسمه لنا الله سبحانه وتعالي!! ألا نقول كان المفروض أن نصبح أغني من ذلك أو أسعد حالا!! فما بالك بسيناريوهاتنا الركيكة التي نكتبها بعقولنا القاصرة ولانريد لأحد أن يعترض علي أي شيء فيها؟! ألا ننقد نحن الحياة في كتاباتنا؟! لماذا إذن نضيق بالنقد؟ حتي أعظم الكتاب ضاقوا بالنقد وبالنقاد, شكسبير نفسه قال أهو ناقد؟.. بل هو حارس ليلي وتولستوي العظيم قال إن شيئا لايعمل علي تشويه الفن كتلك السلطات التي يعطيها الناقد لنفسه لاشك ان الانسان يحب الثناء والأطراء عليه وعلي أعماله ولكن الحديقة الجميلة إذا ظللنا نتأملها بإعجاب دائم دون أن نمد أيدينا اليها ونقلم أشجارها لصارت خرابة موحشة, وقبل أن يتلقفني أحد النقاد الآن ساخرا من كلامي هذا متهما اياي بتواضع زائف ماكر أطلب مزيدا من الثناء كما قال الاستاد العقاد عن رفيق مشواره الكاتب العظيم ابراهيم عبد القادر المازني, حين قال عنه!!. كأنه أراد أن ينزل عن مكانه ليجلسه الناس عليه, وأن يجحد حقه ليثبته له الناس, وقد رد عليه المازني في كتابه حصاد الهشيم قائلا:اعلم انك إذا انزلت نفسك دون المنزلة التي تستحقها لم يرفعك الناس اليها بل أغلب الظن انهم يدفعونك عما هو دونها أيضا ويزحزحونك الي ما هو وراءها لان التزاحم علي طيبات الحياة شديد.
هكذا تأكدتم انني فعلا صرت أحب النقاد وأحب النقد مهما كان عنيفا جارحا أين ذهب انفعالي وأين ذهبت ثورتي؟! ما هذا الهدوء الذي يتملكني وأنا أقرأ شتيمتي بعيني بمنتهي السعادة؟! ان حياتنا كلها قائمة علي النقد, نحن ننقد تصرفات أبنائنا, وهم ينقدوننا, نحن ننقد لاعب الكرة والسياسيين ورجال الأعمال, وحتي أنفسنا,, الم تقل لنفسك ذات يوم انا ايه اللي قلته ده!! أو أنا ايه اللي عملته ده!! ان الكاتب يقف وحيدا بين فريقين النقاد والجمهور, وكل منهما يشده بحبل من طرف,, النقاد تريده ان يفعل شيئا والجمهور يريده ان يفعل شيئا آخر لو ترك أحد الفريقين الحبل لسقط الكاتب فورا علي الأرض, قال لي صديقي الناقد مبتسما في شك,, مش عارف, أنا حاسس كده ان دي ثقة زيادة عن اللزوم,, بداية غرور, يعني ايه الشتيمة تسعدك؟!
يعني مابيهمكش حد؟! قلت له مبتسما برضه, ياحبيبي حتي في دي عاوز تنقدني كمان!! قال ماهو لو ما ضايقكش النقد يبأه مش ح يأثر فيك, يبأه مش ح يغيرك يعني كأنه مالوش لازمة, قلت له ياسيدي العفو,كل كلمة تكتب عني أو عن عمل لي صرت أتأملها بكل هدوء وموضوعية, هو أنا لازم يجيلي الضغط والسكر ويحصل لي اكتئاب عشان يبأه النقد أثر فيا,, وبعدين يا أخي هو انت شايف النقد اللي بنكتبه كله مضبوط!! بدأت انفعل.. بدأت أعرق, ريقي نشف.. بدأ صوتي يعلو.. ما تقرأ ياأخي اللي كاتبينه, اللي مش مستظرفيني لله في لله, واللي مش نازل له من زور.. واللي ما رضيتش اطلع معاه في برنامج وبدأت أصرخ: ده حرام ياأخي..انتو بتهدونا ليه.. وانفجر صديقي في الضحك, وقال: بس كده أنا اتطمنت عليك,
No comments:
Post a Comment