Sunday, April 27, 2008

مناظرة يا ست

كتب يوسف معاطى
مناظرة يا ست


"كم أتعجب من هؤلاء الأمريكان في ممارستهم للديمقراطية !! , ما إن تقترب الأنتخابات حتي يصبح لا حديث في العالم كله سوي الأنتخابات الأمريكية , و يبدأ كل مرشح في عرض وجهة نظره في مناظرات تلفزيونية أما الدنيا كلها .. و كم يستمتع الشعب الأمريكي و هو يري رجلين يتصارعان علي كرسي الرئاسة في مباراة كلامية طاحنة تبدو أكثر إثارة من مصارعة الثيران في أسبانيا.. فالفائز هنا لن يحكم أمريكا فقط .. و إنما سيحكم العالم كله



و خلال تسعين دقيقة و هي مدة المناظرة سنسمع كلاما رائعا عن السلام و حقوق الأنسان و المساعدات التي يعتزم كل منهما تقديمها للأطفال و العجائز في كل مكان علي الأرض .. و في نفس الوقت تسقط فيه اّلاف الضحايا من الاطفال و العجائز تحت قصف الصواريخ و القنابل الأمريكية !!

و طالما أن السياسة الأمريكية تنتهي دائما إلي نفس القرارات و نفس النتائج , فإني أري -حفاظا علي وقت المواطن الأمريكي- أن تتبع أمريكا طريقة (الأستفتاء) في أختيار الرئيس القادم , و هي طريقة "أريح" و مضمونة النتائج .. فسواء كان بوش هو القادم أو كيري .. فأي منهما سيجلس علي المكتب البيضاوي في البيت الأبيض .. سيدوس علي الجرس فيدخل الفراش باسما .. نهاره أبيض يا ريس .. شاي و للا قهوة و للا نسكافيه ؟! , و هو (سيم) أو (شفرة) تعني السودان و للا أفغانستان و للا إيران ؟!!



و أي رئيس بغض النظر عن أي مناظرات أو حبشتكانات لابد و أن يكون واقعا في حب إسرائيل لشوشته .. فعلام يتناظرون ؟! , ان كيري في المناظرة كان يعترض علي قرار بوش بالحرب علي العراق و في نفس الوقت يقول له بوش : ما انت كنت موافق علي الحرب و صوتّ علي الهجوم , جاي دلوقتي تعمل لي فيها سلاميكي !! , فيرد كيري : ما هو أنا لازم أعترض علي أي حاجه يا عم بوش .. يعني عاوزني أقول ان انت رئيس كفاءة و ميه ميه , أمال أرشاح نفسي قصادك ليه؟! فيصرج بوش محتدا :كفاية إن انا نزلت جبت صدام من الحفرة و حطيته في السجن , مش العالم بأه أحسن من غير صدام؟! هنا أشتعلت المناظرة و ألتهبت الأكف بالتصفيق .. و بدأ الأفق أن بوش سجل نقطة ضد كيري .. قال مدرب كيري و هو يهوي عليه بالفوطة .. ما يهمكش .. خش عليه , و انبري كيري قائلا : طيب و بن لادن يا معلم ؟! خد دي .. فين بن لادن ؟! ما مسكتوش ليه؟؟!!



و هنا يقول المذيع : مستر بوش أمامك دقيقتين لتجيب علي هذا السؤال , يرد بوش حائرا : دقيقتين !!! , دا أنا بقالي ثلاث سنسن مش عارف أجاوب عليه .. ثم يهتف لكيري ساخرا : يعني أنت بأه إللي هتجيبه؟! , هنا تبدأ المظاهرة في التحول إلي تلقيح الكلام و ندخل في نطاق الأدب الساخر ,.. حينما يصرخ بوش : أسمع يا كيري .. أنا أمريكا كلها عارفة أنا مين .. أربع سنين ماشي زي الألف .. لا ووترجيت و لا مونيكا و لا حد مسك علي بوش حاجه و لا شاف عليه حاجه .. أنا كبيري باخد العيال في المزرعة و أروح أصطاد .. من البيت للبيت الأبيض و من البيت الأبيض للبيت .. و الحمد لله احنا مش واخدين حاجه من الرياسة و معانا فلوس تعيشنا ملوك .. و من ساعة ما كان الحاج أبويا كان رئيس أمريكا و البيت الأبيض بيتنا و علي بابه عنبتنا لها خضرة و ضليلة بترفرف علي العيلة و بنضرب يا حليلة , و أنت فاكر الرئيس في أمريكا بيقبض كام يعني ؟! , ده كلينتون طالع مديون .. مش صاحبك ؟! أسأله .. هوه لولا الزنقة إللي هو فيها كان ألف كتاب "حياتي" يا عين ده !! ده مألفه خلصان حق و مقطعين له شيكات كان كاتبهم علي نفسه .. هي الرياسة دي أَمََلَه؟! , دي هم ما يتلم .. أنا بقالي أربع سنين ماخدتش العيال و رحنا سينما .. لحد من كام يوم قلبوا دماغي .. روحنا شفنا فيلم أسمه فهرنهايت .. بتاع واحد أسمه مايكل مور .. الجدع مقطع فيا كأني قاتل أمه .. و نازل بيه ع الأنتخابات و أنا في البولليكة دي .. طب و حياة أمه لو نجحت و كملت في البيت الأبيض.. لأخلي أيام أمه سودة ,,

هنا أعلن المذيع أنتهاء المناظرة , .. و قال المحللون أنها أنتهت لصالح كيري بالنقاط لأن بوش كان عصبيا و كان في موقف دفاع دائما .. ما أروع المناظرات ..



و يبدو أن المناظرات الأمريكية سيكون لها أثرها في الشارع العربي و كلكم طبعا تتابعون شعبان عبد الرحيم و فرقة ميامي و هما يقدمان مناظرة كويتية مصرية لها دوي في الشارع .. و ها هي مناظرات العري و الكليبات إياها تشغل الرأي العام كله .. إذن .. لنعمم التجربة .. قلت لزوجتي .. كفانا خناقا و زعيقا يا مدام .. لنتناظر .. أنا زوج جمهوري و أنت زوجة ديمقراطية.. لنعقد مناظرة أسبوعية يتناول فيها وجهات النظر بشكل حضاري ..



مدة المناظرة ساعة و نصف .. غير مسموح لأي منا بأن نتكلم أكثر من دقيقتين متواصلتين .. غير مسموح رفع الصوت بتاتا .. محظور أستعمال الشبشب أو أي ألات حادة .. كان عنوان المناظرة "هل يحق للزوج بعد سبع سنين من الأخلاص و الوفاء .. أن يضفي علي حياته العاطفية تغييرا بسيطا ؟!"

و قد أنتهت المناظرة بيني و بين زوجتي .. بفوز زوجتي ليس بالنقاط و لكن بالضربة القاضية.. معرفش إيه اللي جاب المكواة - جبت المناظرة بس !!! "

Friday, April 25, 2008

كان يوم أصفر

كتب يوسف معاطى
كان يوم أصفر
ماذا حدث للبنت؟‏!‏ ياساتر يارب‏..‏ البنت وشها أصفر كالكركم‏..‏ أخذت اتحسس جبهتها التي بدت كجبهة عصفور كناري‏..‏ وصرخت كالعادة في زوجتنا التي هي مسئولة طبعا عن أي حاجة تحصل في البيت ده‏..‏ يامدام‏..‏ ياستي‏..‏ البنت وشها أصفر كده ليه ودخلت زوجتي‏..‏ وياللمفاجأة‏..‏ كان وجهها أصفر من وجه ابنتنا‏..‏ ماذا حدث لكم‏..‏ ماهذا الاصفرار العائلي المفاجيء‏!!‏ أخذت أتأملها في رعب‏..‏ وأنا أري أمامي صفارين لبيضتين مسلوقتين بلا بياض ولكن ماهذا؟ السرير أيضا أصفر‏!..‏ والستائر‏!!‏ وكل شيء من حولي‏!!‏ قمت مفزوعا واذا بي أنا شخصيا أمام المرأة أصفر صفار مشمشي‏,,‏ هرولت الي الحمام‏..‏ كان القيشاني الأبيض قد تحول الي اللون الأصفر أيضا‏..‏ فتحت الحنفية الصفراء النحاسية‏..‏ التي كانت فضية بالأمس القريب‏..‏ ونزل الماء منها‏..‏ كأنه حلبه حصا‏..‏

وكان يجب أن أتمالك أعصابي في تلك اللحظة الصفراء المصيرية في حياتي‏..‏ وفتحت النافذة‏..‏ وياللهول‏(‏ علي رأي يوسف بك وهبي‏)‏ كان كل شيء أمامي أصفر تماما‏..‏ كانت مصر كلها صفراء‏..‏ وشها أصفر‏..‏ الشجر أصفر والمباني صفراء‏..‏ وكأنها ـ لاحول الله يارب عيانه‏..‏ ألف سلامة عليكي يامصر‏..‏ ألف سلامة مالك؟‏!‏ لم تكن تستطيع الرد حينما سألتها‏..‏ فالتراب الأصفر كان يطبق علي المراوح ويكاد يخنقها‏..‏ كان الله في عونها‏..‏ ارهاب‏..‏ فتنة طائفية وانفلونزا الطيور ومشاحنات‏..‏ واحتقانات لقد تحملت فوق طاقة البشر والدول الست دي والله جبل ونزلت مسرعا الي الشارع‏..‏ كان البواب جالسا يشاهد التليفزيون‏..‏ عم يونس الأسمر وأولاده كانوا جميعا صفرا صفارا عجيبا وكان التليفزيون يعرض فيلما قديما‏(‏ أبيض وأصفر‏)‏ وكان عبد الحليم يغني أصفر ياأصفراني مين قساك عليا‏..‏ الشوارع كلها كانت ملونة بهذا الغبار الذي أحاط بكل شيء‏..‏ وقال مسئول الأرصاد ـ وهو دائما مايقول في مثل هذه الظروف ـ ان هذه رياح موسمية آتية مش عارف منين؟ وقال رجال الدين في الجوامع والكنائس أن هذا غضب من الله‏..‏ وقال مسئول الداخلية ان مختل عقليا هو الذي وراء ذلك بالتأكيد وقال الحاقدون‏..‏ واشمعني احنا يعني اللي يصفر وناس ثانية قاعدين في التكييف ولاحاسين بحاجة‏..‏ ولاهو الصفار مكتوب علينا احنا‏.‏ وقال المتفائلون‏..‏ ده اختبار وان شاء الله ربنا هيفرجها وح تندع أهي‏..‏ أجمل مافي شعبنا هو ذلك الأمل العجيب الذي يملؤنا في أحرج اللحظات‏..‏ ان شعبنا يستطيع الحياة لسبعة آلاف سنة لايمكن أن ييأس‏..‏ وفعلا بدأ المشهد يتغير في تحول مفاجيء‏..‏ من الأصفر الي الأحمر‏..‏ كل شيء صار مصبوغا باللون الأحمر بشكل مرعب الشجر أحمر والمباني حمراء وقال عم بدوي الجالس علي المقهي يشد انفاس المعسل‏..‏ وقد صار وجهه في لون الرمان‏..‏ ماتقلوش ياخواننا‏..‏ ح تندع‏..‏ أكيد ح تندع ده ربنا لطيف بعباده‏..‏ وأخيرا‏..‏ فعلا ندعت‏.‏ قطرات من الماء بدأت تنزل من السماء بالتدريج‏..‏ نقطة‏..‏ نقطة‏..‏ ويعود المشهد في النهاية لصورته الطبيعية وتزدحم المقاهي وتشتغل قنوات الأغاني‏..‏ ومعاكسات البلوتوث‏..‏ لذا‏..‏ أرجوكم ألا تنزعجوا‏..‏ ولاتقلقوا علي مصر‏..‏ مهما سمعتم‏..‏ ومهما عانيتم‏..‏ فهي في النهاية‏..‏ بالتأكيد‏..‏ ح تندع‏..‏
أعزائي‏..‏ حد عاوز حاجة مني قبل ماأمشي‏!!‏

Tuesday, April 22, 2008

قصة أهلااااان

كتب يوسف معاطى
قصة أهلاااااان !!!!

أهلاااان‏!!‏ قالها هكذا‏..‏ طويلة‏..‏ ممتدة‏..‏ مليئة بالبهجة والفرح حينما رآني بالصدفة مارا بجواره متلقفا يدي بكل حرارة ليشد عليها‏..‏ والتفت يده حول يدي وهي بالمناسبة ضعف حجم يدي حتي اختفت يدي تماما في يده ثم أكمل إحكام يده علي يدي واضعا يده اليسري فوق يدي ويده المتصافحتين مؤكدا لي بتلك الحركة مدي اشتياقه لي‏..‏ و‏..‏ فينك يابو حجاج‏..‏ انت مخاصمني ولا أيه‏..‏ وازي المدام والبنوته؟‏!‏ أظن كبرت دلوقت؟‏!‏ يابن الأيه‏..‏ واحشني‏..‏ والله انت ابن حلال‏..‏ لسه جاي علي بالي امبارح‏..‏ امبارح باقول للجماعة عندي في البيت‏..‏ الجدع ده مش ظاهر يعني وأنت أيه أخبارك ياعم‏!!‏ كل هذا كان يقوله ويدي لاتزال أسيرة بين يديه‏..

‏ لا تستطيع الإنفلات ولا هو يريد أن يفرج عنها وكأنني تركتها له للأبد‏..‏ بعد انقضاء عشر دقائق علي هذا الوضع حاولت أن اسحب يدي ولكنه كان قابضا عليها وكأننا أنا وهو صرنا توءما ملتصقين لا يمكن فصلها إلا بعملية جراحية‏..‏

مرت ربع ساعة‏!!‏ ويدي بدأت تعرق‏..‏ حاولت أن استفيد من اللزوجة التي بين يدينا لكي أزفلط يدي واخرج بها واحدة واحدة كده ولكن كان هذا مستحيلا فيده اليسري كانت قابضة علي يدي اليمني عند الرسغ‏!!‏ يارب انقذني من هذه الورطة أريد أن أمشي بأه‏..‏ ولكن كيف سأمشي تاركا يدي بين يديه‏..‏ والله لو كان ممكنا لتركتها له‏..‏ ولكن كيف‏!!‏ أخذت أهز يده كإشارة لانتهاء المصافحة حتي اسحب يدي بطريقة ودية‏..‏ ولكنه لم يفهم تلك الاشارات واستمر ممسكا بيدي وكأنه وجد كنزا‏..‏ مددت يدي اليسري وأخذت أربت علي يدينا اللتين التصقتا حتي انبهه ان المصافحة انتهت‏..‏

وكانت غلطة عمري إذ تلقف يدي اليسري هي الأخري وضمها إلي المجموعة‏..‏ صارت يداي الاثنتان محبوستين هما أيضا بين يديه‏..‏ وكان من يرانا من بعيد يظن أننا نلعب كلوا باميه‏!!‏ وظل يردد‏..‏ أيوه يا حبيبي‏..‏ كنت عاوز أقولك أيه كنت عاوزك في أيه‏..‏ واللهي الواحد دماغه بأت مش معاه‏!!‏ لماذا لا يتركني يا ناس هل لو ترك يدي سأهرب‏..‏ ماله مكلبش في هكذا يارب خلصني بأه ويبدو أن أبواب السماء كانت مفتوحه فقد مر أحد الأصدقاء الذي ما أن رآه صاحبنا حتي هتف به

أهلااااان وأخيرا رفع يده اليمني عن يدي وصافح الرجل ممسكا بيده هو أيضا ولكنه لم يترك يدي أنا ظل ممسكا بها بيسراه هامسا لي استني أنت رايح فين‏..‏ أنا عاوزك

والتف بجسمه نحو الرجل وهو ممسك بيده معطيا ظهره لي‏..‏ محافظا علي يدي في يده برضه إذا نظرت الي الموقف عن بعد‏..‏ قد تفسر المشهد علي أنه واحد ضابط قافش اثنين حرامية‏!!‏

وظل يكلم الرجل الآخر معاتبا‏..‏ بأنه ابعث لك الراجل ويقولك انه جاي من طرفي وماتخدموش برضه‏!!‏ وأخذ الرجل يبرر وهو يناقشه‏..‏ كل هذا ويده لاتزال تمسك بيدي لا يريد أن يتركها‏..‏ ولم يكن أمامي ما أفعله سوي تلك الحركة الطائشة حينما دفعته بقدمي واعطيته شلوتا في قصبة رجله‏..‏ فانفلتت يدي من يده أخيرا‏..‏ حقا ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة‏..‏

وسحبت يدي بسرعة وأطلقت ساقي للريح‏..‏ وهو ينظر نحوي مدهوشا من تصرفي‏!!‏

اعلم ان تصرفي كان مجنونا بعض الشيء ولكن لم يكن في يدي شيء أفعله سوي هذا‏..‏ ولقد اقسمت بعدها ألا أصافح أحدا ولا أسلم علي أحد واضعا يدي دائما في جيوبي مكتفيا ـ السلام بإيماء ـ رأس فهمها الاصدقاء للأسف علي أنها تناكه مني أو غرورا وقد كتب أحدهم في أحدي المجلات أنني أمشي بألاطة ولا أسلم علي أحد‏..‏

واني أقص لكم قصة أهلاااان هذه للتوضيح بعد أن شردني صديقي في كل حته وقال انني لا أمد يدي للسلام ومن يكره السلام؟أنا‏!!‏ أنا بالعكس من أشد أنصار السلام‏!!‏ ولكننا لا نحب السلام الذي يقيدنا ويجعلنا مكتوفي الأيدي‏!!‏ هل لاحظتم الجملة الأخيرة؟‏!‏

سياسية قوي برغم ان الموضوع هايف خالص‏..‏ ولكننا في نهاية المقالات يجب دائما أن نقول اشياء كبيرة ولذا لا تعط يدك لأحد إلا إذا كنت واثقا من عودتها اليك في أقرب فرصة‏..‏ حتي لو أخذها لكي يحلف عليها‏..‏ ويقولك والعشرة الكرام دول‏..‏ اسحب الخمسة بتوعك‏..‏ وسيبه يحلف بالعشرة بتوعه هو‏..

Sunday, April 20, 2008

الحال من بعضه

كتب يوسف معاطى
الحال من بعضه

أيها القارئ العزيز‏..‏ عفوا‏..‏ ما الذي جاء بك إلي هنا ؟‏!‏ انت اشتريت الجريدة‏..‏ وطالعت بختك في البداية طبعا‏..‏ ثم مررت علي الوفيات وتنهدت في أسي‏..‏ والله الحي هو إللي تعبان واللي ماتوا استريحوا‏!!‏ ثم ألقيت نظرة علي عناوين الأخبار فأدركت انك كنت تعرف ذلك كله مسبقا وشاهدته علي القنوات الفضائية امبارح بالليل‏..‏ ذهبت الي صفحات الرياضة وحقدت علي اللاعبين الذين يأخذون الملايين‏..‏ ثم دخلت علي صفحات الفن ربما لفت نظرك صورة لهيفاء وهبي أو نانسي عجرم‏..‏ توقفت عندها قليلا‏,‏

ثم قلبت الصفحة حينما دخلت عليك المدام وعدلت نظارتك‏..‏ وعملت نفسك مندمجا في قراءة الصفحة الاقتصادية‏..‏ ثم ها أنت معنا هنا‏..‏ في باب الساخر أهلا وسهلا‏..‏ انت طبعا تريد أن تضحك أو علي الأقل تبتسم‏..‏ فالهموم علي كتفيك تنوء بحملها الجبال‏..‏ لا أريد أن اقلب مواجعك‏..‏ الأحوال السياسية‏..‏ والدينية والأخلاقية والمادية‏..‏ كلها لا تسر‏..‏ باختصار انت تعبان‏..‏ قرفان‏..‏ مش طايق نفسك فقلت تروح ليوسف معاطي في الساخر تشوفه كاتب إيه النهارده‏..‏ علي الله ما يستظرفش‏..‏ انا مش ناقصه هو راخر حاكم اللطافة بأت ماليه البلد‏.‏

ولكن‏..‏ يا عزيزي‏..‏ عذرا‏..‏ هل تعتقد مثلا أنني فنزويلي أو من كوالالامبور ؟‏!‏ ألست مقيما معك في نفس البلد يا عم الحاج‏..‏ آكل من أكلك وأشرب من شربك وملسوع من كل ما أنت ملسوع منه‏!!‏ تأتي لي هكذا بكل بساطة‏..‏ وتفتح الباب‏..‏ مش هنا برضه باب الساخر‏!!‏ هيا‏..‏ أضحكونا بأه‏..‏ حاضر‏..‏ عنيا أنا اعلم انها مهنة يعلم بيها ربنا‏..‏ تريد أن تضحك‏..‏ شوف يا سيدي‏:‏ اترك نفسك لي تماما إنها مسألة غاية في البساطة‏..‏ افتح فمك واضحك ضحكة كبيرة مجلجله‏..‏

هكذا فجأة‏..‏ بدون أي مقدمات‏..‏ لا يهمك من هم حولك‏..‏ استغرق في الضحك حتي تدمع عيناك‏..‏ وابدأ هذا التمرين أمام المرآة‏..‏ وحدك‏..‏ بعد عدة مرات ستجيدها تماما‏..‏ ثم افعلها امام الجميع‏..‏ ولا تشغلنك نظرات الشك والريبة التي تحيط بك لا تهتم بأحد‏..‏ اضحك بلا سبب‏..‏ من أربع إلي خمس مرات يوميا علي الأقل في البداية سيندهش اولادك وزوجتك وأصدقاؤك‏..‏ لا تقلق سيعتادون ذلك بسرعة‏..‏ بل وسيشاركونك الضحك كمان دون ان يسألوا عن السبب اشياء كثيرة بدت غير منطقية حينما ظهرت‏..‏ ثم صارت شيئا عاديا جدا‏..‏ أخوك يفعل ذلك‏..‏ أنا أضحك كل ساعتين بالضبط‏..‏

لقد دربت فمي علي ذلك‏..‏ ما أن تأتي ساعة الضحك حتي تخرج الضحكة من فمي كما يخرج الديك من ساعة الحائط هكذا‏..‏ في اجتماع مهم‏..‏ في سرادق عزاء‏..‏ وأنا القي محاضرة‏..‏ وأنا ماشي لوحدي في الشارع‏..‏ والحمد لله لم يحدث لنا شيء‏..‏ لسه شغالين زي الفل‏..‏ اندهش قليلا الفنان فرج حسن وأنا اسلمه المقال حينما وجدني مسخسخ علي روحي من الضحك واعتقد إني شارب سيجارتين‏..‏ وابتسم عامل الأسانسير في خجل وهو يراني منفجرا في ضحكة طويلة وقال لي سائق التاكسي وهو يتأملني وأنا أضحك‏..‏ ربنا يحظك يا بيه‏..‏ هي مش ناقصة عكننة صحيح‏!!..‏

ولماذا يعني الضحك هو الذي نبحث له عن سبب حتي لا يصبح قلة أدب ؟‏!‏ وهل تري سيادتك منطقا أو مبررا لكل ما حولنا من متناقضات ؟‏!‏ إننا لا نري سوي قلة أدب من غير سبب‏..‏ شيء عجيب إننا لا نلتفت إلي رجل يبكي وحده‏..‏ بينما يلفت نظرنا رجل يضحك وحده‏..‏ بعد إذنك يا عزيزي‏..‏ ميعاد الضحك فات‏..‏ وليكن في معلومك أن الكل يفعل مثلي الآن‏..‏ وستصبح انت الكئيب الوحيد‏..‏ هل تعلم حقيقة ما حدث في وسط البلد‏..‏ لا لم يكن تحرشا جنسيا‏..‏ كان المواطنون يزغزغون بعضهم بعضا‏..

Friday, April 18, 2008

مرايتي......قوليلي يا مرايتي

كتب يوسف معاطى

مرايتي......قوليلي يا مرايتي

قلما أنظر في المرآة...حتى في تلك الطقوس الصباحية الروتينية كأن أغسل وجهي أو أحلق ذقني..فلا أكثر من ألمحني واقفا ــ بنظرة عابرة ــ أحاول أن أنهي هذه الأمور .. و لم أستطع أن أمارس تلك اللحظة النرجسية التي يتأمل فيها المرء منا ملامحه معجبا بشاربه أو بأنفه أو بحاجبيه .. فمنذ نعومة أظافري كانت لي ثمة اعتراضات على أشياء معينة في وجهي مثل أن أنفي أطول قليلا مما ينبغي و فمي ليس به شفة عليا كأنه مفتوح بمشرط.. وجبهتي عريضة و مدببة بشكل لم تستطع العوامل الوراثية أن تتجنبه..وقررت أنا أن أتجنب وجهي أيضا طالما أن هذه الاعتراضات لا تنتهي و لا تزول و إنما تكبر مع الأيام و تصبح أكثر وضوحا ، وهكذا تمر أسابيع بل و شهور دون أن أرى نفسي في المرآة و حينما يحدث ذلك أحيانا بشكل عابر لا يتم لأنني( وحشتني ) وإنما فقط لأتأكد أن المذكور أدناه لا يزال على قيد الحياة..أما المرآة التي لم أستطع أن أقاوم النظر إليها و البحلقة فيها هي تلك المرآة التي يضعها الحلاق خلف رأسيلكي يريني ما أبدعته يداه في قفايا ولأنني كنت ولا زلت أحد المعجبين بقفايا فكنت أتأمل التدريجة..وميل القفا وانحداره تحت الجمجمة باستمتاع غريب يستدعي مداعبات أبي ــ يرحمه الله ــ لي على قفايا في أيام الطفولة كلما قا ل ( المضروب ) " اللي هو أنا " كلمة أو تعليقا ظريفا معبرا عن إعجابه "كأب" بي كطفل عفريت مما أورثني عادة غريبة هي أنني كلما قلت نكتة حلوة أشعر أن شيئا ما سيرن فوق قفايا..و كنت أتأمل النجم الوسيم و هو يقبل البطلة في الفيلم فأجد يديها الناعمتين تتسلان بحركة سيامية ناعمة وتتحسسان قفاه ..فأتحسس قفايا أنا أيضا و أنا أشعر بمدى الخسارة التي خسرتها السينما المصرية. والمرآة في البيت هي جزء من ممتلكات الزوجة وهي المنطقة التي تقضي فيها نصف اليوم على الأقل ووقوف زوج مثلي أمام المرآة مسألة مثيرة للشبهات وتستدعي تلك الأسئلة التي تحفظونها حضراتكم عن ظهر قلب..إيه اللي موقفك قدام المراية ؟ بتتأنتك كدة ليه ؟ عاجباك نفسك قوي ؟ وكمان بتحط كولونيا؟ هنا يرد الزوج العاقل..لأ..ده دمل في مناخيري .. وبافتحه!
والمرأة احتلت المرآة احتلالا استعماريا لا خلاص منه...بل أنها تبني مستوطنات لها أمام المرآة وتظل تكلمها وتحاورها...مرايتي قوليلي يا مرايتي...حبيبي ما جاش ليه دلوقتي ؟...ولا أبلغ من أن " المرأة " و " المرآة " لفظتان تتكونان من نفس الحروف باستثناء تلك الشدة التي على الألف في " المرآة " وهي شدة لازمة لأن المراية لازم تبأه مشدودة ، وفي كثير من الأحوال تكون المرأة هي كمان مشدودة..وإذا كانت الزوجة عندها بنت مفعوصة تقلد أمها في كل شيء...هنا سيتحول الصراع إلى معركة أنثوية بينهما كل منهما " تزق " الأخرى من أجل الوقوف أمام المرآة .. وأنت يا مسكين ح تروح فين ؟ ريح ع الكنبة شوية لحد الهوانم ما يخلصوا...وهكذا عودت نفسي أن أقوم بكل الأعمال دون الاستعانة بمراية...أربط الكرافتة كده بالويم..أساوي شاربي بمهارة شديدة دون أن أراه.. مما جعل حا سة اللمس عندي أقوى من هيلين كيللر....وكنت أعتمد على الآخرين في إحساسي بمرور الزمن..فأذهب إلى صديق كان معي بالمدرسة سنة بسنة و أتأمل وجهه وأقول...ياه..ده احنا عجزنا قوي...وآخر يقول لي وشك مخطوف خالص وثالث يقول لي..حواجبك منكوشة..ما أروع الأصدقاء حينما يصبحون لك مرآة ترى من خلالها نفسك...ولذا ظللت كل هذه السنوات لاعلاقة بيني و بين المرآة إلى أن طلب مني أن أتصور بعض الصور لإحدى المجلات فارتديت ملابسي وحلقت ذقني وسرحت شعري معتمدا على حاسة اللمس المعجزة ثم نظرت إلى زوجتي ليس بوصفها مراتي..وإنما بوصفها مرايتي...فتأملتني قليلا وقالت كويس. ذهبت إلى المصوراتي فأجلسني على كرسي وقال..ابتسم..الشيء الغريب أنني كنت مبتسما بالفعل..قلت له أنا كدة مبتسم فاندهش الرجل و قال في زهق..لأ..ابتسم..أشوف ابتسامة لو سمحت..وأدركت خطورة الموقف...فقد كنت طوال السنوات الماضية أبتسم و يظن الآخرون ان فيه حاجة مضايقاني...لقد نسيت شكلي وأنا مبتسم...وحاولت أن أتذكر ملامحي...أنا على حد علمي..أسمر قليلا..ولي شارب..و..لا يمكن .. أنا لا أذكر شيئا من ملامحي..سوى قفايا..كان يجب أن ألقي نظرة على المرآة قبل التصوير على الأقل حتى أدرب وجهي على اللقطات..وجاء الرجل وفتح فمي بإصبعيه كأنه يفتح علبة سلمون؟؟وقال..بس...اثبت على كدة...في المساء ذهبت لأستلم الصور..فوضع أمامي مجموعة من الصور لواحد تاني يشبهني إلى حد ما..قلت له..فين الصور بتاعتي...فأجاب الرجل ببرود..ما هي دي صورك....نظرت إلى الصور مندهشا وكشرت وصرخت فيه..دي صوري أنا ؟ لا يمكن..استشاط الرجل غضبا وقال..البيه جاي يتريق عليا..مكن تقوللي انت بتضحك على إيه دلوقت؟ قلت لنفسي يا نهار اسود!! أنا لا أضحك ، بالعكس أنا مكشر وروحي ف مناخيري وناوي أضربه..كيف يراني أضحك؟ هنا قال المصوراتي بغيظ..أبأوا بصوا في المراية قبل ما تتصوروا...وتمالكت أعصابي وقلت في حسم..عندك مراية؟..قال في غيظ...اتفضل جوه...قلت له نشوف، وأخذت الصور ودخلنا حيث المرآة التي قاطعتها كل هذه السنين..و..ياللمفاجأة..من هذا الواقف بالمرآة..أخذت أتأمل نفسي في المرآة كمن طلع له عفريت..متى حدث كل هذا؟ لا حول ولا قوة إلا بالله...لقد سمنت جدا..وما هذا الصلع؟! هنا وكزني المصوراتي بيده وقال ــ في نفاذ صبر ــ إنت باصص فين..انت بتبص عليا أنا؟ إنت أهوه..اللي واقف جنبي..و أشار نحوي..فإذا بلآخر الذي هو أنا .. والذي يشبه الصور الخالق الناطق يتأملني في اندهاش وهو يضرب كفا بكف!!

Tuesday, April 15, 2008

الجواز حيغلا

كتب يوسف معاطي

الجواز حيغلا

لا شك أن الكذب قديم لأن الإنسان قديم .. والكذب ولد من رحم الصدق ، فالتصديق لابد منه لجريان الحياة .. فإذا سرت فى طريق واعترضتك لافتة مكتوب عليها ممنوع المرور لا بد أن تصدق ، وإذا قالوا لك إن الأرض كروية لابد أن تصدق .. وإذا طلبتني في التليفون وقالوا لك مش موجود يجب أن تصدق .. ولكن هل يصبح للحياة طعم اذا سارت هكذا صادقة .. كل ما فيها حقيقي وليس بها كذبة واحدة ؟ أنا أكتب في نهاية خطابي إلى أي حد عبارة " وتفضلوا بقبول فائق الاحترام " وأنا لا أحترمه ولا أعرفه أساساً .. وأبدأ خطابي بكلمة " عزيزي فلان " ... وهو لا يعز عليا على الاطلاق .. ولكن تخيل أن أبدأ خطابي بكلمة أنت يا للي ما أعرفكش .. وأنهيته بكلمة أحترمك لأني لم أعرفك بعد .. ستصبح مشكلة .. والحياة لا يمكن أن تكون كلها جد .. الجد يقتل النفس والهزل يعيد إليها الحياة ، ولذا اخترع البني آدم عيداً للكذب عمره نصف يوم يبدأ من نصف ليلة أول إبريل إلى منتصف نهاره .. يجوز للناس فيها استغفال بعضهم بعضا .. دون عتاب .. تتلقى هدية من صديق تفتحها .. تنفجر في وشك .. وهدية من صديق آخر لا تفتح أساسا . يتصل بي فجأة وهو في قمة الانفعال .. ويهتف بي .. يوسف .. الحقني أنا مستنيك في آخر شارع الهرم أرجوك تيجي أنا فى ورطة كبيرة .. أجري بالسيارة وأذهب فلا أجد أحداً .. أو أجد شخصا آخر تعرض للمقلب نفسه .. وقد نشرت جريدة أمريكية إنه في حديقة كذا في الساعة العاشرة صباحاً سيفتح معرض به خمسة آلاف حمار في مهرجان الحمير الدولى الأول ، وذهب الذين صدقوا الخبر إلى الحديقة ورأوا آلاف الحمير .. أعني الذين صدقوا الخبر !! وحدث انه في أول إبريل بعث أحدهم مع مساعده بخطاب إلى صديقي في آخر الدنيا مكتوب فيه .. النهارده أول إبريل .. والمساعد بتاعي مغفل وقارفني طول السنة .. وكان نفسي أعمل فيه أي حاجة فأرسلته إليك حتي أقطع نفسه .. فوضع الصديق الخطاب أمامه ونظر إلى المساعد الذي يتصبب عرقا وقال له : يبدوا أن صديقي أخطأ .. الجواب ده مش ليا .. الجواب ده لازم يكون النهارده عند مستر جون فى آخر واشنطن تخطف رجلك لحد هناك .. وتجيني تاني .

ومساعد مسكين آخر أرسله المدير إلى مكتبه في آخر الدنيا ليبحث عن كتاب اسمه لبن اليمام ؟!، وبعد ساعات من البحث والتنقيب نظر له صاحب المكتبة بضيق وقال له .. هو اليمام عنده لبن ؟!.

ولكن لماذا في ابريل بالذات ؟! .. يقال إن النبي نوح عليه السلام بعد أن صنع سفينته أرسل حمامة للبحث عن مكان أمين يمكن أن ترسو فيه السفينة ، فلما عادت الحمامة وأنبأته بأن الطوفان وراءها سخرت منها بقية الحيوانات والطيور التي كانت بالسفينة .. واتهمتها بأنها كذبة إبريل . ولم يعد الكذب الآن هو أن تقول ما لم يحدث أو تخالف الحقيقة .. وإنما صار بعض الناس الناس يتنفس كذباً .. يعرق كذباً ..رأيتها جالسة معه .. جميلة بلا شك وحينما سألني عن رأيي فيها .. قلت له مش عارف حاسس إنها كدابة .. اعترض .. وسألني كدبت في إيه .. قلت له لم تكذب في شيء .. ولكن ردود أفعالها كذابة .. عينيها كذابة .. حركة إيديها كذابة .. شعرها مذاب مش قادر أصدقها .. وأسوأ شيء حينما تحاول إحداهن أن تبدو صادقة .. طبيعية .. يا باى .. يا ساتر .. البراءة مفتعلة .. والبصة معمولة .. كل شيء مصنوع .. ولكنها على أى حال تجد في النهاية من يصدقها .. ربما لأنه أكذب منها .

وأحدث كذبة إبريلية سمعتها .. ولا أعلم إن كانت كذبة أم حقيقة .. شائعة كبيرة منتشرة أن الزواج اعتبارا من الشهر القادم ح يغلا .. يعني إيه .. قال لي العامل البسيط في إحباط ومرارة ح يدفعوا الراجل ثلاثة آلاف جنيه تأمين ، هو الشباب عارف يتجوز يا بيه لما يدفع تأمين .. وعشان كده كله بيتجوز دلوقت قبل ما القانون ينزل .. أنا كنت متكلم علي بنت خالتي .. كلام .. أما سمعت .. جريت وكتبت كتابي أول إمبارح وأختي ح تكتب بكره بالليل .. مع إنها لسه مجهزتش .. إنما خطيبها قال نكتب دلوقتي ونوفر الثلاثة آلاف جنيه إحنا أولى بيهم .. وفي دمياط بقي يا باشا .. الجواز بالطوابير كله عاوز يلحق نفسه ، ولعلمك المآذين بيشتغلوا برضه ماهو ده موسم بالنسبة لهم ، وفي كفر الزيات البلد كلها سهرانة بتتجوز .. اللي شابك خلص الموضوع بدري بدري .. واللي قاري فاتحة قوام قوام جاب المأذون ، قلت له يا سيدي ما يمكن تكون كذبة إبريل ؟ قال لي وأنا أعرف منين .. تقوللي كذبة إبريل والبسها أنا في مايو ؟!! وخرجت من عنده وأنا أضرب كفا بكف .. يقولوا السكر ح يغلا .. أمي تحول في سكر وتشيل .. يقولوا اللحمة ح تغلا .. الكل يخزن لحمة .. ولكن الجواز ح يغلا !! ح تخزن إيه بس ؟! مفيش غير إن الواحد يشد حيله كده ويتجوز أربعه في الرخص ويخليهم ح ينفعوا .. مفيش حاجة بتخسر ..

ولكن كيف صدق الناس الكذبة .. إذا كانت كذبة ؟ إلا إذا كان هناك نوع من عدم الثقة بينهم وبين المسئولين وإحساسهم العبثي الغريب بأن أي شيء يمكن أن يحدث .. فعلها الحاكم بأمر الله في أيام الدولة الفاطمية ، أصدر أمره بمنع أكل الملوخية .. وصارت الملوخية مثل المخدرات التي يعاقب عليها القانون ، وضبط العسس ( العساكر يعني أيامها ) عائلة تجلس أمام حلة ملوخية بالتقلية ونازلين لهط .. والحمد لله أنها كانت ملوخية خضرا .. فالناشفة كانت عقوبتها أشد بكثير

Sunday, April 13, 2008

دي نظافة زمان

كتب يوسف معاطي

دي نظافة زمان ..

لم أكره شيئاً فى حياتي قدر ما كرهت الغسيل .. يوم الغسيل .. واللى بدع الغسيل .. صوت الغسالة يا أخي .. صوت بشع .. ويظل يدوي فى دماغي من صباحية ربنا برتابة وملل .. ولأن أمي من النوع الذي يتعامل مع البيت بمنهج التليفزيون ، فهي تعتبر يوم الغسيل هو اليوم المفتوح .. فهو أيضا يوم الطبيخ ويوم المسح والكنس ، ويوم وضع المراتب فى الشمس ، وقريبا جدا سيصبح يوم نقلى إلى مستشفى بهمان للأمراض العصبية .. ولكننى أتحمل الطبيخ والمسح والكنس وكل شئ .. إلا الغسيل . ولذلك لا استطيع أن أصف لحضراتكم سعادتى حينما فتح محل أمام بيتنا مباشرة لغسيل الهدوم وكيها ووضعها فى كيس وشماعة .. قلت لأمي .. أخيرا " اللوندرى " !!! فى البداية هي اعتقدت أنه محل لتغيير العملة ، وحينما أخبرتها .. إنهم يغسلون وينشرون ولا يتحاورون .. اعترضت جدا على فكرة أن تذهب ملابسي إلى انسان كائناً ما كان ليغسلها ، وأنا تصورت فى البداية أنها تري فى ذلك اعتداء على وظيفة أساسية من وظائفها كأم .. ولكني علمت منها بعد ذلك ، أنها تخشي أن أرسل لهم هدومي بعرقها فيعملون لى " عمل " لا ينفك .. وحاولت جاهدا أن افهمها انني لا ارسل لهم حاجة من أطري ، وانما ارسل لهم ملابسي ، وكثيرون غيري يفعلون الشيء نفسه .. فاشمأزت وقالت : وهل تقبل أن يختلط عرقك بعرق غيرك .. فهي كأمي تتصور أن ابنها يعرق عسل نحل أو عصير فراولة ، بينما أبناء الآخرين يعرقون هذا العرق المملح البشع .. وبدأت علاقتي بالمغسلة الميكانيكية منذ تلك اللحظة .. وارتحت من صوت الغسالة الاستفزازي وعلى رأي المثل الشهير .. هين قرشك ولا تخرم ودنك.

ولكن مع " اللوندرى " ليست الحياة جميلة طوال الوقت كمان كنت أتصور .. فقد حدث مثلا ليلة رأس السنة الماضية أن ارسلت الجاكت الكحلى " الحتة الزفرة " بتاعي إلى المغسلة ، وحينما ذهبت لأخذه بعد التنظيف .. أعطوني جاكت آخر .. لم اتبين أنه ليس الجاكت بتاعي إلا حينما وصلت البيت .. هو كحلى .. ولكنه ليس الكحلى الذى أفضله .. وعدت مسرعا إلى اللوندرى .. كان قد أغلق أبوابه .. ورجعت البيت والجاكت معي .. الطقم كله قدامي لا ينفع سوى الجاكت الكحلى .. هل أرتديه ؟! مابدهاش .. وذهبت إلى الحفل وأنا عندي احساس انني لست أنا .. وكل رجل يرتدي جاكت حكلى فى الحفلة أفصحه بعناية كأنني مخبر سرى .. وباظت الليلة ..

طبعا هذه الأشياء لم تكن تحدث إطلاقا أيام غسالة أمي .. على أقصي الظروف كان أحد بنطلوناتي يطير من ع الحبل .. أو أن جارتنا العزيزة .. تلقى بجردل ماء قذر علي الغسيل .. مشاكل من هذا النوع لا أكثر .. وحدث ذات مرة جينما كنت انتظر فى محل التنظيف الجاف أن رأيت سيدة تدخل وهي ترتدي ثوبا ضيقا ، يلتف حول جسمها فى احكام شديد وغريب ، واتجهت كل الأنظار إليها وهي تشق طريقها نحو عاملة المحل وتقول فى غيظ : بماذا تغسلون ؟ لقد عاد ثوبي من عندكم وقد انكمش انكماشا شديدا ، حتي أنني أشعر كأنني عارية وأنا أرتديه .. هل يصح ذلك ؟ فقالت العاملة وهي تنظر إلى الثوب الضيق الذى ترتديه السيدة : أنا آسفة جدا يا سيدتي.

فأكدت على كلام السيدة قائلا : إنت معاكي حق وماكانش لازم تلبسيه عشان يعرفوا غلطتهم ، الفستان باين .. ولكن السيدة صاحت قائلة وهي تفتح حقيبتها وتخرج منها ثوبا آخر ، شوف يا استاذ الفستان بقى عامل إزاي – كانت تقصد فستانا آخر غير الذي ترتديه .

Thursday, April 10, 2008

حوار ليوسف معاطي عن برنامج الست دي أمي

حوار صحفي مع الكاتب يوسف معاطي عن برنامج الست دي أمي
أكيد هيعجبنا كلنا
تعالوا نشوف الكاتب يوسف معاطي قال ايه فى الحوار
******************

البداية كانت مقالا

* دعنا نضع أيدينا على البداية.. كيف جاءت فكرة برنامج "الست دي أمي"؟ وكيف تم تنفيذها؟

** في أوائل الثمانينيات بدأت أكتب في مجلة "الكواكب" مقالا بعنوان "طقّت في دماغي".. كانت تظهر في كل المقالات شخصية فلكورية وهي "أمي" التي دائما أتكلم عنها.. دائما لها وجودها في المقال، لدرجة أنه في أعياد الأم كانت تأتي إليّ من خلال المجلة خطابات تهنئة بمناسبة عيد الأم، وهذا كان يسعدني للغاية، إلى أن اقترح الكاتب المصري الكبير "رجاء النقاش" عمل عدد خاص عن "الأم"، فكتبت مقالا بعنوان: "الست دي أمي"، وكان مقالا قويًّا جدا، وأحدث ردَّ فعل كبيرًا جدًا..

وبعد ذلك كتبت في مجلة "الإذاعة والتليفزيون" في عدد خاص "ستة مشاهد عن الأم"؛ كل مشهد أربعة أو خمسة أسطر، أتكلم فيها عن رحلة ابن وأم، وكان لها أيضاً رد فعل كبير جدًا، وكنت أنا والمخرج المبدع "نبيل عبد النعيم" –صديق قديم – دائما ما نفكر في عمل شيء سويًا.. فجلسنا في جلسات عمل طويلة متواصلة، وخرجنا بست أفكار يتم تنفيذها في الحلقة، وهذه الأفكار الست اختُصرت إلى فكرتين؛ وذلك بسبب الوقت والمدة المسموح بها لنا، وخرج هذا البرنامج للناس.

وأرى أن نجاح هذا البرنامج ينبع من شيء أساسي بالنسبة لي، وهو أني تعاملت مع هذا البرنامج كأنه هدية أقدّمها لأمي، وهذا كان سبب النجاح، وكذلك فإن كل شخص تعامل مع البرنامج بهذا الشكل، وكلما قابلت أي أم كنت أجد وأشعر أنها أمي؛ ولذلك نجح البرنامج بصدق.

وأعتقد أن الذي كان وراء نجاح البرنامج أيضا هم الناس؛ لأن كل شخص كان يشاهد البرنامج كان يشاهده بشكل شخصي وليس بشكل عام؛ بمعنى أنه لا يشاهد البرنامج على أنه وجهة نظر؛ فهو يشاهد البرنامج على أنه وجهة نظره هو في الأم.

* هل هناك تطوير في شكل البرنامج؟

** التطوير موجود منذ البداية؛ فقد بدأنا بست أفكار، ثم اقتصرنا إلى فكرتين كما قلت، ولكن من ضمن التطوير الذي حدث في الفترة الأخيرة للبرنامج؛ أننا قدمنا نشرة أخبار الأمهات وكانت من الفقرات الناجحة، وفي هذه النشرة أقول للأمهات كل ما يهمهن. والتطوير الآخر أننا استطعنا أن نقدم أمًّا مثالية، والبرنامج هو الذي يختارها.. اختيارا شعبيا يختلف عن الأم المثالية التي تختارها وزارة الشئون الاجتماعية، وهذه الأم تأخذ مبلغ 30 ألف جنيه.

استدرار الدموع

* هناك من يرى أن هدف البرنامج هو استدرار الدموع، وأنك تعلب على وتر العاطفة لدى المشاهدين؟

** بعض الناس قالوا هذا الكلام، أنا لا أستطيع أن أجبر أحدا على البكاء. أذكر لك موقفا يبين لك أن كل ذلك ليس فيه استدرار للدموع: فنان كبير مثل المخرج حسين كمال لا يمكن أن يبكي، رجل وهو يخرج تنتاب البلاتوه حالة من الرعب، جاء لي وهو قوي جدًا وقال لي: أنا مش هأبكي.. أوعى تفتكر أنني هأبكي. قلت: لا يا فندم، نحن نتكلم عادي، بعد عشر دقائق وعندما عاش في قصة، وبدأ يحكي عن والدته انهار في البكاء.

الفنان عبد المنعم مدبولي يبكي على أمه -وعمره تقريبا 80 عاما- كأنه طفل صغير. أمينة رزق التراجيديانة المعروفة. الكوميديانات اللي بيموتونا من الضحك.. يبكوا ليه؟

أريد أن أقول: إنها لحظة.. فأنت لا تستطيع أن تستدرّ الدموع.. بالعكس أنت تخلق حالة، فتستطيع لحظة.. أن تبكي.. أن تضحك.. أن تسكت.. أن تفعل أي شيء.. أنت حر.. أنا لم أجبرك على شيء. من الممكن أن تجري معي حوارًا عن أمي ولن أبكي ولكن يمكن أن أبكيك، لذلك كثيرا جدا منهم أبكوني ولم يبكوا!!

هناك أم أبكتني وهي لم تبك، الأم اللي أخرجت ثلاثة أطباء وهي لم تملك شيئا في الدنيا.. كانت شيئا رائعا للغاية. البكاء في منطقة الأم بالذات لا يمكن تمثيله أو استدراره.

الجميع.. المشاهير والبسطاء

* اشترك في البرنامج أمهات لأشخاص مشاهير، وأخريات لأشخاص بسطاء.. كيف توصلت لهذه "التوليفة"؟

** الأم لا ترتبط بالفقر.. الأم حالة من العطاء المتدفق، سواء كانت فقيرة أم غنية.. المعلق الرياضي الشهير اللواء علي زيور، والده باشا، النجوم التي كان يرتديها على كتفه كانت من الذهب، والدته تركية.. جلس معنا يتكلم وضحكنا وهو يتحدث عنها، وفجأة في النهاية صرخ: كفاية، وانفجر في البكاء وأوقفت التصوير.. هذا والده باشا. وأناس آخرون من الممكن أن يكون حالهم المادي متعثرا ينتابهم الشعور ذاته.

* لماذا لم تستضف والدتك في حلقة من حلقات البرنامج؟

** أشخاص كثيرون قالوا لي: لا بد أن تستضيف والدتك في حلقة من الحلقات، ووالدتي ظهرت في البرنامج من خلال صورتها في تتر (مقدمة) البرنامج بالحجاب عندما كانت تحج، الأمر الثاني أنني عملت لوالدتي غير البرنامج كتابا اسمه "الست دي أمي" وكذلك C.D. عن الأم وهو عن أمي أيضا.. كل هذه الأعمال لا تكافئ شيئا، وأيضا أجهز فيلما ومسرحية، وأكتب مقالات وأعمل حاجات غريبة جدًا من أجل أمي.

أنا لا أستطيع استضافتها. أعرف أعمل معها أي شيء من غير كاميرا.. أقبلها.. أحضنها.. أقول لها كل شيء، لكن لا أستطيع أمام الكاميرا، وأنا أعتبر استضافتي لكل أم كأنها استضافة لأمي؛ لأن الذي أقوله لهؤلاء الأمهات أقوله لأمي.. وهي سعيدة جدًا بهذا العمل، ليس لأن "الست دي أم يوسف معاطي"، هي سعيدة لأنها تحب هؤلاء الأمهات اللاتي يظهرن على الشاشة، وتقول لي: شوف الست دي عملت إيه.. أنا لم أفعل شيئا.. وهي عملت الكثير.

الاستقبال الحار

* ماذا عن علاقة يوسف معاطي (المذيع) بالأسرة المصرية التي يتم استضافتها.. وكيف يتم استقباله داخل البيوت المصرية؟

** من الأشياء التي نحرص عليها هي ألا نظهر كل ما يحدث أثناء دخول البيوت؛ فقد ذهبت ذات مرة إلى الصعيد. وفي الصعيد أنت لا ترى أي امرأة أمامك. فكنت داخل بيت، وكنت متخيلا أنني لن أجد "الست"، أكلم ابنها مثلا، ففوجئت بالست تستقبلني بعناق حار وأحضان كأني ابنها فعلا، ووجدت ابنها الصعيدي – شديد الرجولة – سعيدا جدًا ويعتبرني أخاه، ووجدتهم يحضرون أكلا: تعال كل معنا، متجاهلين وجود كاميرا.. أنا عامله النهار ده كذا.. إنت ابن حلال.

الاستقبال أكثر من رائع.. الاستقبال كان السبب الوحيد الذي جعلني مستمرا؛ لأنه إذا لم يكن موجودا لقدمت حلقة أو حلقتين ومللت كعادتي، لكن هذا الاستقبال الحار جدًا هو الذي يجعلني سعيدا بما أفعله.

الأمر الآخر: ليس من السهل أبدا أن يطرق شخص بابك ويدخل، صعب جدًا. واليوم عندما يفتحون الباب لي أجد الزغاريد في استقبالي، ورد فعل عظيما جدًا. مثلا سيدة ابنها أستاذ في الجامعة ذهبت لهم فهاتفوه وكان يلقي محاضرة.. فجاء مسرعا، وقال: لازم أسلم عليك وأعود للمحاضرة مرة أخرى.

هناك مشاعر وأحاسيس جميلة جدًا.. فنحن نحفر في أرض مصر لكي نخرج هذه الأحجار الثمينة و"الألماظات"، ونقول إن مصر فيها الكثير.. فمصر جميلة جدًا.

* كيف ترى تأثير البرنامج على الشباب المصري في تعامله مع أمه؟

** كنت أتخيل أن جمهور البرنامج من سن 40 عاما فما أكثر، ولكن عندما ذهبت إلى أحد الأندية (نادي الجزيرة) ووجدت شبابا من الجيل الجديد اللي بيقولوا عليهم "الروشين" ووجدت احتفاء شديدا جدًا بالبرنامج.. الأم ليس لها علاقة أنك تعمل "سكسوكة" أو تعمل بعض شعرك باللون الأحمر مثل لاعب الكورة إبراهيم سعيد.. ففي النهاية الأم حاجة كبيرة جدا، وأعتقد أن البرنامج أثر في كثير جدًا من الشباب، وغيّر سلوكيات كثيرين جدًا منهم.

* هل وصلت للبرنامج خطابات لأبناء فقدوا أمهاتهم ويريدون الاحتفال بهن؟

** جاءني ذات مرة شريط كاسيت أثر فينا جميعًا.. ابنة تقول: لو سمحت اسمع رسالتي، لا أريد أي شيء.. أنا أمي اسمها (…) وتوفيت وهي سيدة عظيمة جدًا، وانهارت في البكاء الشديد، وقالت: كل ما أطلبه فقط أن يقرأ الناس لها الفاتحة، وأحضرت الشريط وأسمعته للمشاهدين وقلت لهم: شيء جميل جدًا أن نتذكر الأمهات اللاتي رحلن ونقرأ لهن الفاتحة، وحينئذ يشعرن أننا تذكرناهن، والذكرى في حد ذاتها شيء جميل.

السيدة النوبية

* عند إجراء عملية استرجاع سريعة لحلقات البرنامج الكثيرة.. ما هي الحلقة التي تقف عندها وتتأمل مواقفها؟

** هناك حلقة أثرت فيّ بشكل شخصي، وهي الحلقة الوحيدة التي بكيت فيها وظهرت وأنا أبكي، فخرجت مسرعا من أمام الكاميرا.. كانت سيدة نوبية وأنا عندي عشق للنوبيين.. جميلة الملامح.. سيدة عجوز وكانت قعيدة.. ذهبت إليها، وكانت ابنتها قد أرسلت لي خطابا تقول: إن أمي لا تبتسم أبدا الآن، ابنها وابنتها وزوجها ماتوا جميعهم في فترات متقاربة، وإنها لم تبك، لكنها صامتة صمتا حزينا، فعندما ذهبت وجدت وجهها بشوشا جدًا وجميلا جدًا.. وأخذنا نتحدث، ثم قلت لها: إن ابنتها ستقرأ ردنا على خطابها، وقرأت الابنة قائلة بأنها ستسافر إلى "رحلة عمرة".. فوجدت السيدة تنظر إلى أعلى وتحدث الله سبحانه وتعالى قائلة: "أنا عارفة إنك كنت حايشها لي، وعارفة يا رب إن إنت كتبتها لي، ومحضّرة الجلابية والطرحة، والله عارفة وشايفاك – تقصدني أنا – في الحلم جاي تديني العمرة.. بس أنا مش هأشكرك أنت. ووجدت هذه السيدة تتحرك ونزلت على الأرض ساجدة.. تسجد وتقوم أكثر من مرة.. لم أستطع تحمل هذا المشهد، فأخذت أبكي وبعدت عن الكاميرا.. أحسست كيف أن الأماني البسيطة لهؤلاء الناس شيء رائع.

أريد فيديو

* بعيدًا عن لحظات البكاء والشجن، هناك أكيد مواقف طريفة حدثت لك أثناء تسجيل بعض الحلقات.. نريد أن نعيشها معك؟

** هناك سيدة أرسلت لي أكثر من أربعين خطابا لكي تسافر تحج، وعندما ذهبت إليها وكانت في بلدة بعيدة جدًا، وبعد رحلة 6 ساعات.. طرقنا باب البيت قالوا لنا إنها سافرت للحج.

وهناك أم كانت أروع ما يمكن، أرسلت لي خطابا تريد جهاز فيديو.. فذهبت لها، وأول ما دخلت قلت لها أحضرت لك الفيديو، ولم أقل لها "إزيك"، الفيديو أهو.. بس احكي لي الفيديو عايزاه في إيه؟ قالت لي تعالى أحكي لك: شوف أنا ابني اتجوز، وكانت رجلي مكسورة وصوروا الفرح فيديو.. وأنا مش عارفة أشوف الفرح، وفي نفس الوقت الشريط معايا فقلت نفسي أقعد أتفرج عليه.

فجلسنا معها نشاهد الفرح وعلمتها كيف تشغل الفيديو، وكانت سعيدة جدًا، أمنية بسيطة لكن كان لها معنى.

* ارتبطت كلمة "الأم" الآن وبعد برنامج "الست دي أمي" باسم يوسف معاطي.. فماذا يمثل لك ذلك؟

** يمثل لي أكبر حلم في حياتي: أن ترتبط كلمة الأم بي.. كل أنواع التكريم لي في هذا البرنامج، كان أجمل ما فيها حينما تكتظ القاعة بعدد كبير من الأمهات.. فتجد استقبالك بالزغاريد.. استقبالا مختلفا وجديدا ومهما جدًا، وأيضًا دعاء هؤلاء الأمهات يفتح لي الطريق.

كتبت مسلسلا في تليفزيون "أبو ظبي" عن رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون، وحدث اعتراض وقالوا: لا بد من تصفية هذا المؤلف، وفي أحد الأيام كنت جالسا في أحد المقاهي مع صديق لي فقال صديقي: اجلس داخل المقهى أفضل من أن يحدث لك شيء.. وكانت توجد سيدة واقفة، وقالت له: هذا لا يمكن أن يحدث له شيء.. دا احنا نأكلهم.. لا تخف ربنا يحميك، كفاية الأمهات اللي بيحبوه.. فشعرت أن الأمهات "بودي جارد" لي أو "حامي" من أي مكروه من الممكن أن يحدث لي.

شارون يقتل أمه

* بمناسبة الحديث عن شارون.. هل كتبت حلقة في هذا المسلسل عن شارون وأمه؟

** بالفعل كتبت حلقة عن علاقة شارون بأمه وفي إطار كوميدي، وقلت إنه جاء تقرير لشارون من أجهزة المخابرات يقول له إنه مطلوب قتله وكل الناس تكرهه فحاول أن تزيد من الحراسة حولك.. فبدأ يخاف.. فجاء له تقرير آخر يقول له: إن الذي سيقوم بقتله هو من أقرب الناس إليه.. فطرد السكرتير، ثم قتله، وظل يضرب في الدنيا كلها، فذهب لابنه.. وقدم له الأخير كوبا من العصير ليشربه، فشك أن يكون في العصير سم فقتل ابنه.. بعدها قال: ليس لي غير أمي فذهب لها وقال لها أنا جئت إليك لأن كل الناس تريد قتلي، وأخذها في حضنه ثم ضربها بالخنجر في ظهرها.. وقال لها: معلهش شكلك كدة مريحنيش!!

* ما رأيك في دخول الإعلانات في البرامج.. وهل ذلك يحدّ من قيمة الرسالة الإعلامية المقدمة؟

** دخول الإعلان في البرامج أصبح عنصرا مهما جدًا.. لأنه بدون الإعلان أنت لا تستطيع أن تعمل الذي تراه الآن. "هتشكوك" المخرج العالمي كان دائما يقدم برامجه ويقول إنه كان له عم رذل جدا وحديثه مملا وسخيفا ودائما يحكي عن بطولات زائفة وكان دائما ما يدعوني للعشاء فأتحمل طول الوقت عندما كان يحكي هذه الحكايات لأنه كان يدفع ثمن العشاء ويقول: والآن مع الفقرة الإعلانية. ولكي تصل إلى هذه الحالة لا بد أن يكون هناك إعلانات حتى ولو كانت هذه الإعلانات تقطع التواصل والبعض يتضايق منها.. لا بد أن يكون هنا إعلانات ويجب أن نكون واقعيين.. فأنا لا أستطيع أن أعمل هذا البرنامج بهذا الشكل، بالإضافة إلى تحقيق أماني هؤلاء الأمهات، فكل ذلك لا يتحقق من خلال الشكل الروتيني.

* بعد مرور هذه السنوات.. هل ما وصل إليه البرنامج من نجاح يرضي غرورك أم ما زال هناك ما تريد تحقيقه؟

** بعض الناس يرون أن هذا البرنامج من الممكن أن يستمر 20 عاما؛ لأن كل يوم تخرج بطولات لأمهات، فمثلا أين أم الشهيدة وفاء إدريس؟ وأين أم الشهيد محمد الدرة؟ أليس هؤلاء أمهات ويقلن أشياء مهمة جدًا؟ أريد أن أقول: إن الفكرة نفسها تعيش كثيرا، لكن أقول لك بصراحة: لكي أستمر سنة أخرى أو أكثر فيجب أن أجد فكرتين جديدتين ولامعتين جدًا وفي منتهى الغرابة لأستطيع وأنا أقدم البرنامج أن أقدم زاوية جديدة.

* ماذا تعلم يوسف معاطي من برنامج "الست دي أمي"؟

** تعلمت من هذا البرنامج أشياء كثيرة جدًا.. تصور هذا البرنامج ماذا فعل بي؟ أصبحت لو حدث لي أي شيء في هذه الدنيا أقارنها بأي لحظة تحدٍ قالتها لي أي أم من هؤلاء الأمهات.. فأقول لنفسي: إنت مدّلع قوي.. يا راجل الست كان أمامها كذا وكذا واستطاعت، فقد أعطتني الأمهات كثيرا جدا من الصلابة وكثيرا جدا من القوة والصبر.. أصبحت لا يعنيني فشل عابر، وأصبحت مؤمنا بشيء خطير وهو أن نتيجة الأشياء ليست فورية، هذه الأم عاشت سنوات طويلة جدًا ولكن النتيجة حصلت عليها الآن بعد كل هذه السنوات، فتعلمت أن أعمل وأن أجتهد في عملي، فليس مطلوبا أن آخذ أجري غدًا، لكني أنتظر فإنه سيأتي في أوانه.




Wednesday, April 9, 2008

الست دي امي 2

بقلم يوسف معاطي

الست دي امي (2)

المشهد الاول – البداية

هيصة عجيبة , وجوه أراها للمرة الأولى , الكل يضحك بلا سبب بجوارى ترقد امرأة غاية فى التعب والهزال ، علام يضحك هؤلاء ؟ كل هذا الكم من الغرباء مالهم يحدقون في هكذا ؟ أبكي ، انفجر فى البكاء ، تحملني المرأة الهزيلة المتعبة ، ولكن ما هذا ؟! أنا استريح جداً لها .. إنها تربت على كتفى بحنان غريب , يسألها رجل من الغرباء هو الوحيد الذي أرغب فى وجوده بالحجرة .. يسألها .. نويتي على إيه يا سيدة ، تجيب فى وهن وهي تنظر لي باسمة .. يوسف

المشهد الثاني

مر أسبوع بالكامل .. المرأة استردت قليلاً من عافيتها .. وكل الغرباء انصرفوا إلا الرجل هذا الذى استرحت إليه .. إنه يحبني بلا شك .. ولكنني أريد المرأة هذه بشدة .. فهي التي تطعمني حين أجوع وهي التي تغير لي ملابسي حينما ألوثها .. وأحيانا استيقظ بكل رزالة فى منتصف الليل فتقوم من أحلاها نومة ز وتهرول نحوي .. ما هذا .. من كل هؤلاء ؟ البيت أصبح كخلية نحل : أطفال كثيرون وكبار أيضاً .. ياربي .. ماذا سيفعلون بي ؟ لماذا يضعونني فى هذه الصينية ؟ هل سيأكلونني ؟ استر يا رب .. المرأة الطيبة التي احبها تتجه نحوي ممسكة بيد الهون ، وتدق في الهون . وهي سعيده ، ما هذا الذى يتناثر على قفايا ..ملح !! وما هذا الغناء البشع ؟! وكل هذه الحلوي لماذا تقدمها لأطفال غيري ؟ أضربها بيدي أرفسها بقدمي الصغير .. أنا غيور .. أنا مش باحبك .. أنا مش بحبكوا .. وابدأ فى نوبة البكاء.

المشهد الثالث

اربع سنوات بالتمام والكمال .. أخيرا نضجت ، المرأة هي أمي .. والرجل وهو أبي ، ولم يكن هناك داع لكل هذا الخوف والتوجس منهما ، ولكن هناك حالة من الريبة فى هذا اليوم بالذات ، انها تدللني أكثر من اللازم وهو أيضاً .. مالها تلبسني جلبابا أبيض ةطاقية بيضاء .. أنا لا أرتديهما سوى يوم الجمعه ، جينما اذهب مع أبي لأقلده فى الجامع وهو يصلى .. يأخذني أبي من يدي ، وامي تودعني بنظرة اشفاق والدموع فى عينيها ، ولكنه طوال الطريق يبالغ فى تدليلى إلى أن نذهب إلى مكان غريب يشبه المكان الذى ولدت فيه ، ويجلسونني عنوة على السرير ويكتفونني .. ماهذا أنا لست مريضا ؟ ولكن .. آه .. آه .. ألم فظيع أصرخ صراخا رهيبا وأنهال بكلتا يدى على صدر أبي .. فى المساء أجلس فى حزن ممزوج بسعاده غريبة غارقاً بين كم غير معهود من اللعب والحلوي وقبلات أمي

المشهد الرابع

فى الطريق كنت ممسكا بيدها .. ثم متشبثاً بذيل جلبابها .. أشعر بأن هناك نية غدر قالت لى بصوتها الساحر .. المدرسة حلوة عشان تتعلم وتبقى شاطر قلت لها باكيا .. لأ .. مش عاوز أروح المدرسة خديني معاكي ، عند الباب تركتني ، ودفعتني داخل مبني ضخم له فناء فسيح تترقق فى عينيها وأخذوني ، وأنا أنظر إليها من بعيد .. وهي أيضا ، إلى أن اختفت عن ناظري .. فاسودت الدنيا فى عيني .. وظللت أبكي طوال اليوم .. ما أبشع الفراق

المشهد الخامس

قلت لها فى أسي .. لن أذهب إلي حفل المدرسة غداً .. قميصي متهرئ .. وكلهم سيرتدون ملابس جديدة .. قالت فى حزن عميق .. ربنا يسهلها إن شاء الله .. كانت الظروف لا تسمح .. ومالى أنا والظروف فى هذه السن المبكرة ؟ أنا أريد قميصاً .. فى الصباح الباكر أخذتني من يدى وذهبت إلى محل صغير فى السوق وخلعت خاتمها الوحيد من إصبعها وأعطته لرجل أعطاها نقوداً ، فأخذتني إلى المحل المجاور .. واشتريت القميص .. وخرجنا من المحل .. وأنا ارتدي القميص الجديد ، وقبل أن نصل إلى المدرسة قلت لها فى صفاقة .. نفسي فى البليلة

المشهد السادس – البداية الجديدة

تخرجت في الجامعة وصار لى شارب ، كان أبي الذي أصبح هو صديقي " الأنتيم " راقدا على السرير فى اللحظات الآخيرة .. قالوا انه فى غيبوبة ولم أصدقهم ، لأنه في عز غيبوبته كان يناديني .. وذهبت إليه فأمسك بيده المرتعشة شاربي وأخذ يعبث به فى سعادة ثم قال .. خلى بالك من ماما .. وأسلم الروح .. أخذتها فى أحضاني أحاول أن أحتوي انهيارها ، وشعرت يومها ، أنها ليست أمى ، إنها ابنتي .

Monday, April 7, 2008

الست دي أمي 1

بقلم يوسف معاطي
الست دي أمي (1)
بيضاء .. مربربة .. عيناها عسليتان .. ولها فم جميل يحمل أروع ابتسامة فى الدنيا كلها .. أصابعها قصيرة .. وكفها صغير .. إذا قدمت لى تفاحة .. لعابي يسيل ليس على التفاحة .. وإنما .. على يدها الأطري والأجمل من الموز المستورد ذات نفسه . هي قصيرة .. أقصر مني بكثير .. ولكنني إنها كانت أطول مني بكثير .. كنت أنا كالنملة .. وهي كانت كالجبل .. وكانت أول رياضة تعلمتها .. تسلق الجبال .. كنت كلما ارتبعت خطوة .. رأيتها أكثر ارتفاعاً مما أظن .. بخطوتين .. وأصبحت ألهث فى اللحاق بها .. وقبل أن ادرك الصلاة .. والصوم .. والعبادة .. كنت أعبدها .. حتي قبل أن أعرف ان الله شخصيا وضع الجنه تحت قدميها .. كنت احبو إليها بلا وعي .. أقبلها .. على حجر أبي .. كانت أول مرة اعملها على روحي فى حياتي . قال فى غضب مشوب بالسعاده .. اخص .. الواد عملها .. شيليه .. امسكي .. ح توضا تاني عشان خاطر العفريت ده .. وأخذتني من يدي أبي .. بعملتي .. ببللى . كأنها تتسلم جائزة الدولة التقديرية . وبكل الحب .. ضمتني لصدرها .و قبل أن تنمو أسناني كانت هي استاني نفسها .. تقطع وتفتفت .. وتطحت .. وبأصبعها .. تضع اللقمة فى فمي الخالى , أتذوقها لبرهة .. والله حلوة .. وأبلع .. وأكبر .. وأسمن .. وأبلغ .. وأدرك .. وأفهم .. تتغير نظرتي لكل الأشياء .. تنقلب موازيني .. ومفاهيمي .. إلا نظرتي نحوها هي .. كأنها صورة ثابتة .. لوحة جميلة .. لا تتغير .. صرت ضعف طولها .. وصارت هي فى طول حفيدتها .. ولكنها .. تزداد حلاوة .. لا تزال كما هي .. بيضاء .. مربربة عيناها عسليتان ولها فم جميل أروع ابتسامة فى الدنيا كلها .. أنا لا اتحيز لها .. إنها امرأة جميلة ولذيذة وأنا أغازلها .بصرف النظر عن كونها امي .. وما الانوثة .. أليست هي الصدق والدفء .. والحنان ؟ هكذا كنت اراها ..واتأملها .. واكتشف بعد ذلك ان كل واحد فينا .. أمه .. بيضاء .. مربربة .. عيناها عسليتان .. ولها فم جميل يحمل أروع ابتسامة فى الدنيا كلها .
لماذا طلبتم مني أن أكتب عنها ؟! لماذا تفتحون على انفسكم فتوحة لا تنسد ؟ الأفكار تتدافع وتتصارع داخل دماغى .. مارة بقلبي وشراييني .. وأنا أريد لى وحدي عدداً خاصاً عن الأم .. سأكتبه من الجلدة للجلدة .. لا أريد أريد مساعده من أحد , ومادته كلها موجودة . لن أنقل حرفا من كتاب .. ولن اعمل حديثا مع احد المشاهير , ستكون هي نجمة الغلاف .. وكلمة العدد ستكون عنها .. وندوة الكواكب سأعملها معها .. حتي باب بيني وبينك .. سأجلعه بيني وبينها .. وما أكثر ما بيننا .. من قفشات وحكايات .. وباب الكواكب من 42 سنة سأضع فيه صورة زفافها .. وأطمئنوا العدد سيبيع .. بالتأكيد سينفذ حتي لو اشتريت كل السنخ .. وأهديتها كلها لها .
حينما تزوجت أمي .. لم يكن عندها أجهزة .. لم تكن قد اخترعت الأجهزة , لا غسالة ولا بوتاجاز ولا تكييف , ويبدوا أنها كانت كل هذه الأجهزة مجتمعه .. كانت تعرف اين تضع القلل فى اتجاه التيار حتي تبرد وترد الروح .. كانت تعرف اين تنشر الغسيل حتي يتحمص بحرارة الشمس .. صدقني .. أنا لا أحكي عن أمي .. أنا احكي عن أمك انت .. كل أمهاتنا نسخة واحدة .. صورة عجيبة متكررة مذهله من العطاء الذى بلا حدود . يأتي إلى بيتي الاصدقاء .. وكساحر يطلع لهم باحدي معجزاته .. حينما تخرج امي لتقدم لهم فضلة خيرهم .. أقدمها فى حركة استعراضية فخمة .. يا جماعة .. أهيه .. ماما .. هنا ينتهي دوري .. لتبدأ .. معجززتي .. حبيبتي .. فى الاغداق عليهم بكل أنواع الحنان والأمومة . ان امومتها تسعنا جميعا .. وأنا لازلت بجوارها النملة .. ولازالت هي الجبل .. إنها لاتزال تخبطني على يدي حينما أخطف حاجة من حد .. ولازلت أنا برغم انني شحط فى السادسة والثلاثين من عمري .. ومتجوز وفاتح بيت .. أمرمغ نفسي على صدرها .. كأعيل طفل يمكن ان تشاهده فى حياتك ..بل انني أعيل مني شخصيا حينما كنت عيل .. قالها عبد الوهاب من قبلى وقالها أيضا احسان عبد القدوس .. أنت لا تشعر ابداً بكهولتك مادمت لك أم . إن لفظ " ماما " وحده يكفى ليصون لك شبابك وصباك

Friday, April 4, 2008

كنت عدواً للمرأة !!

بقلم يوسف معاطي

كنت عدواً للمرأة !!
من يجرؤ أن يقول أنه عدوها !! من يجسر أن يغالط قلبه وعقله ومشاعره ويدعي ذلك .. كل أعداء المرأة من قمم الفكر والأدب خدعونا .. تظاهروا بهذا العداء وحملوا اللقب المثير ( عدو المرأة ) بينما كانوا بداخلهم هائمين بها .. متيمين .
وأعجبت اللعبة المرأة نفسها .. أحبت هذا الاختراع الجديد فى المشاعر بعد أن شبعت من محبيها .. ديوان الغزل العربي هو أكبر ديوان فى مكتبتنا العربية .. قيس بن الملوح لانعرف أي شئ عنه سوي " ليلى العامرية " إن حياته كلها حب وقصائد غارقة فى العشق .. عاش عمره كله يصف ليلي ويتوسل إلى ليلي ويمر على بيت ليلى .. حتي إن خادمتها " ( عفراء ) صارت نجمة .. ذاب المسكين فى هذا الكيان الخرافى المهول .
وجميل بن معمر .. صار يعرف بحبيته .. وبرغم أنه ابن معمر , صار يطلق عليه جميل بثينه .. إنها تملكه .. برغم أنه الذى صنعها . وكثير عزة .. هذا .. لانعرف اسمه كثير إيه ؟! هو فقط كثير عزة .. وكان من الممكن أن تكتمل السلسلة .. محمود عواطف .. وأحمد فتحية , ولكن أتوقف قليلاً عند مفارقة مهمة : أين قصائد النساء اللاتي كتبنها فى الرجل .. يتغزلن فى جماله .. ورقته .. وسحره؟! إنها قليلة .. قليلة جدا فالمرأة تحب أن تسمع أكثر مما تتكلم .. وإذا أعطت فإن عطاءها صامت ليس له حس .. وبدأ الرجل يضيق بهذه المخلوقة الرائعه الناعمة التي خلق العالم من أجلها ; القصائد لها .. والروايات عنها .. والأغاني تغني لها .. وبدأ ينفعل .. ويثور في خلقه ضيق , وصرخ فيها نزار قولى .. انفعلى .. انفجري .. لا تقفى مثل المسمار .. ولم تزعل المرأة .. بالعكس أعجبها هذا العاشق الجديد وبدأت تغيظه اكثر .. تنكشه .. حتي ينفعل أكثر .
وفى كتاب العقاد .. ( هذه الشجرة ) .. صاروخ نووى موجه إلى المرأة , يصفها بالغباء وبالقبح , وبالنكد , وبأنها مخلوق حسى , جنسى لا يرقى إلى السمو الإنساني , وفى كتابه الإنسان الثاني اعتبرها رقم اثنين فى كل شئ وأنها مجرد ظل .. وأنها كما وصفها : المخلوق المستطيع بغيره , وفى كتابه ( جمع الأحياء ) . كتب عن القرد والثعلب و الأسد , وباقى الحيوانات ثم إذا به يفاجئنا بفصل خاص عن المرأة , وأصبح العقاد هو عدو المرأة رقم (1) فى القرن العشرين و وللحق كان رائعا فى هجومه على المرأة , بديعا لدرجة جعلتني صرت واحداً من اتباعه , حتي قبل أن أعرف أية امرأة فى حياتي , وقبل أن أنر بأية تجربة عاطفية , أصبحت عدوا لها , بل إنني كنت أرفض رفضا تاما بأن اجلس بجوار أى بنت فى المدرسة الابتدائية المشتركة التي كنت فيها , وكانت تلك الطريقة التي يعاقبونني بها فى الفصل حينما أتشاقى يقول المدرس وقد نفذ صبره مني : وفاء , أقعدي جنب يوسف فى التختة . وهنا بأه هات يا عياط وهات يا نهنهة , وأبتعد قدر المستطاع إلى حرف التختة كأن وفاء هذه ستخمد خنجراً فى جنبي .. وجاء العقاد بمنطقه العبقري ليؤكد لى أنني لا أقل عنه عداء للمرأة , كان عندي الفكرة وهو أعطاني المنهج , إلى أن قرأت له روايته الوحيدة , سارة قبل أن أقرأها سننت أسناني , قلت لنفسي بس , وريني يا أستاذ عملت فيها إيه , وأخذت أتخيل كيف جرجرها من شعرها وناولها بالبونية .. وعلقها من رجليها , بل ربما ربطها بسلسة , لايمكن أن يفعل أقل من ذلك , وألقيت بنفسي فى الرواية , ماذا حدث يا همام ؟! ( اسم بطل الرواية ) ألست أنت هو ؟! إنه يحبها بجنون .. يغير عليها بشدة , يتعذب يبكي , يسترسل فى وصفها بروعة , أين عداؤك الجبار يا أستاذ ؟! بعد إذنك .. أنت صدمتني .. هل بعت القضية ؟! سأذهب إلى توفيق الحكيم فهو عدو المرأة هو الآخر .. ولكنه أيضا ماهذا الذى يفعله ؟! يتنازل عن القضية قبل الحكم بدقيقة .. ويسدد رصاصة فى قلب الرجل من مجرد نظرة !! والبطلة فى الرواية تضحي بالدكتور الذي يتقدم للزواج منها والذى يبدو غنياً مقتدرا من أجل البطل الفقير المديون .. حتي أنت يا حكيم !! وإحسان عبد القدوس هو أيضا .. اعتبرها محورا أساسيا لأدبه وروايته .. إنه مشغول بها لدرجة فظيعه .. يحللها , يتوغل فيها , يشرحها , يلقى الضوء على كل ما خفى منها , وكأنها هي الكون كله , كأنها الفكرة الثابته التي يدور حولها كل شئ .
آه يا أساتذتي المبدعون , ماذا فعلتم ؟ هل تحبون المرأة بهذا الجنون قم تدعون أنكم اعداء المرأة ؟ لابد أن أعرف السبب , المسألة لابد وأن الذى يجعلكم تتراجعون هكذا , وأخيرا , وجدته , قبضت عليه .. وضعت إصبعي على المكان الصحيح , إنها الام .. أضعف نقظة فى قلب أى رجل .. وأقوى نقطة فى الوقت نفسه .. لايوجد مبدع واحد أو قمة من قمم الفن والفكر والأدب , ليس عنده ذلك الغرام الاستثنائي بتلك المرأة الاسطورة .. الأم.
قالوا إن الواحد لا يعرف قيمة أمه إلا حينما ينجب .. وأنا لا أحب هذه المقولة فهي أول وأعظم قيمة نراها طوال عمرنا .. أنجبنا أم لم ننجب .. يقولون إن الطفل لا يرى شيئا أول أربعين يوما بعد ولادته .. وإنما يسمع .. يسمع فقط , ونحن كلنا سمعنا أمهاتنا .. هي أول صوت .. وأول مشهد .. وأول ضحكة .. وأول دموع والأذن تعشق قبل العين دائنا وليس أحيانا.
ومن يومها كلما انبهرت بقمة من القمم .. فنان .. سياسي .. أديب .. أغمض عيني ولا أتخيله وإنما اتخيل أمه .. تلك المرأة أنجبت لنا هذا العبقري ياتري ما شكلها ؟ أحاول أن أرسم ملامحها .. هل هي تشبهه .. هل هو يشبهها ؟؟ ماذا أخذ منها ؟! وماذا أعطته ؟! وكيف سيطرت عليه وشكلته حتي صار فذا هكذا ؟
هؤلاء القمم فى كل المجالات ليس بينهم أى رابط .. كاتب .. مخترع .. مفكر .. فنان .. مخرج .. ممثل .. حزمة من الإبداع لا يربطها سوي شئ واحد فقط .. مجرد امرأة رائعة .. عاشت هي فى الظل ليتألقوا هم ويلمعوا ويصلوا إلى عنان السماء .. هذه المرأة .. هي الأم
ولنبدأ بالأم إذا .


يوسف معاطي