Tuesday, April 15, 2008

الجواز حيغلا

كتب يوسف معاطي

الجواز حيغلا

لا شك أن الكذب قديم لأن الإنسان قديم .. والكذب ولد من رحم الصدق ، فالتصديق لابد منه لجريان الحياة .. فإذا سرت فى طريق واعترضتك لافتة مكتوب عليها ممنوع المرور لا بد أن تصدق ، وإذا قالوا لك إن الأرض كروية لابد أن تصدق .. وإذا طلبتني في التليفون وقالوا لك مش موجود يجب أن تصدق .. ولكن هل يصبح للحياة طعم اذا سارت هكذا صادقة .. كل ما فيها حقيقي وليس بها كذبة واحدة ؟ أنا أكتب في نهاية خطابي إلى أي حد عبارة " وتفضلوا بقبول فائق الاحترام " وأنا لا أحترمه ولا أعرفه أساساً .. وأبدأ خطابي بكلمة " عزيزي فلان " ... وهو لا يعز عليا على الاطلاق .. ولكن تخيل أن أبدأ خطابي بكلمة أنت يا للي ما أعرفكش .. وأنهيته بكلمة أحترمك لأني لم أعرفك بعد .. ستصبح مشكلة .. والحياة لا يمكن أن تكون كلها جد .. الجد يقتل النفس والهزل يعيد إليها الحياة ، ولذا اخترع البني آدم عيداً للكذب عمره نصف يوم يبدأ من نصف ليلة أول إبريل إلى منتصف نهاره .. يجوز للناس فيها استغفال بعضهم بعضا .. دون عتاب .. تتلقى هدية من صديق تفتحها .. تنفجر في وشك .. وهدية من صديق آخر لا تفتح أساسا . يتصل بي فجأة وهو في قمة الانفعال .. ويهتف بي .. يوسف .. الحقني أنا مستنيك في آخر شارع الهرم أرجوك تيجي أنا فى ورطة كبيرة .. أجري بالسيارة وأذهب فلا أجد أحداً .. أو أجد شخصا آخر تعرض للمقلب نفسه .. وقد نشرت جريدة أمريكية إنه في حديقة كذا في الساعة العاشرة صباحاً سيفتح معرض به خمسة آلاف حمار في مهرجان الحمير الدولى الأول ، وذهب الذين صدقوا الخبر إلى الحديقة ورأوا آلاف الحمير .. أعني الذين صدقوا الخبر !! وحدث انه في أول إبريل بعث أحدهم مع مساعده بخطاب إلى صديقي في آخر الدنيا مكتوب فيه .. النهارده أول إبريل .. والمساعد بتاعي مغفل وقارفني طول السنة .. وكان نفسي أعمل فيه أي حاجة فأرسلته إليك حتي أقطع نفسه .. فوضع الصديق الخطاب أمامه ونظر إلى المساعد الذي يتصبب عرقا وقال له : يبدوا أن صديقي أخطأ .. الجواب ده مش ليا .. الجواب ده لازم يكون النهارده عند مستر جون فى آخر واشنطن تخطف رجلك لحد هناك .. وتجيني تاني .

ومساعد مسكين آخر أرسله المدير إلى مكتبه في آخر الدنيا ليبحث عن كتاب اسمه لبن اليمام ؟!، وبعد ساعات من البحث والتنقيب نظر له صاحب المكتبة بضيق وقال له .. هو اليمام عنده لبن ؟!.

ولكن لماذا في ابريل بالذات ؟! .. يقال إن النبي نوح عليه السلام بعد أن صنع سفينته أرسل حمامة للبحث عن مكان أمين يمكن أن ترسو فيه السفينة ، فلما عادت الحمامة وأنبأته بأن الطوفان وراءها سخرت منها بقية الحيوانات والطيور التي كانت بالسفينة .. واتهمتها بأنها كذبة إبريل . ولم يعد الكذب الآن هو أن تقول ما لم يحدث أو تخالف الحقيقة .. وإنما صار بعض الناس الناس يتنفس كذباً .. يعرق كذباً ..رأيتها جالسة معه .. جميلة بلا شك وحينما سألني عن رأيي فيها .. قلت له مش عارف حاسس إنها كدابة .. اعترض .. وسألني كدبت في إيه .. قلت له لم تكذب في شيء .. ولكن ردود أفعالها كذابة .. عينيها كذابة .. حركة إيديها كذابة .. شعرها مذاب مش قادر أصدقها .. وأسوأ شيء حينما تحاول إحداهن أن تبدو صادقة .. طبيعية .. يا باى .. يا ساتر .. البراءة مفتعلة .. والبصة معمولة .. كل شيء مصنوع .. ولكنها على أى حال تجد في النهاية من يصدقها .. ربما لأنه أكذب منها .

وأحدث كذبة إبريلية سمعتها .. ولا أعلم إن كانت كذبة أم حقيقة .. شائعة كبيرة منتشرة أن الزواج اعتبارا من الشهر القادم ح يغلا .. يعني إيه .. قال لي العامل البسيط في إحباط ومرارة ح يدفعوا الراجل ثلاثة آلاف جنيه تأمين ، هو الشباب عارف يتجوز يا بيه لما يدفع تأمين .. وعشان كده كله بيتجوز دلوقت قبل ما القانون ينزل .. أنا كنت متكلم علي بنت خالتي .. كلام .. أما سمعت .. جريت وكتبت كتابي أول إمبارح وأختي ح تكتب بكره بالليل .. مع إنها لسه مجهزتش .. إنما خطيبها قال نكتب دلوقتي ونوفر الثلاثة آلاف جنيه إحنا أولى بيهم .. وفي دمياط بقي يا باشا .. الجواز بالطوابير كله عاوز يلحق نفسه ، ولعلمك المآذين بيشتغلوا برضه ماهو ده موسم بالنسبة لهم ، وفي كفر الزيات البلد كلها سهرانة بتتجوز .. اللي شابك خلص الموضوع بدري بدري .. واللي قاري فاتحة قوام قوام جاب المأذون ، قلت له يا سيدي ما يمكن تكون كذبة إبريل ؟ قال لي وأنا أعرف منين .. تقوللي كذبة إبريل والبسها أنا في مايو ؟!! وخرجت من عنده وأنا أضرب كفا بكف .. يقولوا السكر ح يغلا .. أمي تحول في سكر وتشيل .. يقولوا اللحمة ح تغلا .. الكل يخزن لحمة .. ولكن الجواز ح يغلا !! ح تخزن إيه بس ؟! مفيش غير إن الواحد يشد حيله كده ويتجوز أربعه في الرخص ويخليهم ح ينفعوا .. مفيش حاجة بتخسر ..

ولكن كيف صدق الناس الكذبة .. إذا كانت كذبة ؟ إلا إذا كان هناك نوع من عدم الثقة بينهم وبين المسئولين وإحساسهم العبثي الغريب بأن أي شيء يمكن أن يحدث .. فعلها الحاكم بأمر الله في أيام الدولة الفاطمية ، أصدر أمره بمنع أكل الملوخية .. وصارت الملوخية مثل المخدرات التي يعاقب عليها القانون ، وضبط العسس ( العساكر يعني أيامها ) عائلة تجلس أمام حلة ملوخية بالتقلية ونازلين لهط .. والحمد لله أنها كانت ملوخية خضرا .. فالناشفة كانت عقوبتها أشد بكثير

1 comment:

Anonymous said...

عمل رائع يا دكتور
إنك تجمع أعمال يوسف معاطي
ليك عندي جايزة حلوة ....حتجيلك النهاردة الصبح "لزوم كدبة إبريل"ههههههههههه