بقلم يوسف معاطي
الست دي امي (2)
المشهد الاول – البداية
هيصة عجيبة , وجوه أراها للمرة الأولى , الكل يضحك بلا سبب بجوارى ترقد امرأة غاية فى التعب والهزال ، علام يضحك هؤلاء ؟ كل هذا الكم من الغرباء مالهم يحدقون في هكذا ؟ أبكي ، انفجر فى البكاء ، تحملني المرأة الهزيلة المتعبة ، ولكن ما هذا ؟! أنا استريح جداً لها .. إنها تربت على كتفى بحنان غريب , يسألها رجل من الغرباء هو الوحيد الذي أرغب فى وجوده بالحجرة .. يسألها .. نويتي على إيه يا سيدة ، تجيب فى وهن وهي تنظر لي باسمة .. يوسف
المشهد الثاني
مر أسبوع بالكامل .. المرأة استردت قليلاً من عافيتها .. وكل الغرباء انصرفوا إلا الرجل هذا الذى استرحت إليه .. إنه يحبني بلا شك .. ولكنني أريد المرأة هذه بشدة .. فهي التي تطعمني حين أجوع وهي التي تغير لي ملابسي حينما ألوثها .. وأحيانا استيقظ بكل رزالة فى منتصف الليل فتقوم من أحلاها نومة ز وتهرول نحوي .. ما هذا .. من كل هؤلاء ؟ البيت أصبح كخلية نحل : أطفال كثيرون وكبار أيضاً .. ياربي .. ماذا سيفعلون بي ؟ لماذا يضعونني فى هذه الصينية ؟ هل سيأكلونني ؟ استر يا رب .. المرأة الطيبة التي احبها تتجه نحوي ممسكة بيد الهون ، وتدق في الهون . وهي سعيده ، ما هذا الذى يتناثر على قفايا ..ملح !! وما هذا الغناء البشع ؟! وكل هذه الحلوي لماذا تقدمها لأطفال غيري ؟ أضربها بيدي أرفسها بقدمي الصغير .. أنا غيور .. أنا مش باحبك .. أنا مش بحبكوا .. وابدأ فى نوبة البكاء.
المشهد الثالث
اربع سنوات بالتمام والكمال .. أخيرا نضجت ، المرأة هي أمي .. والرجل وهو أبي ، ولم يكن هناك داع لكل هذا الخوف والتوجس منهما ، ولكن هناك حالة من الريبة فى هذا اليوم بالذات ، انها تدللني أكثر من اللازم وهو أيضاً .. مالها تلبسني جلبابا أبيض ةطاقية بيضاء .. أنا لا أرتديهما سوى يوم الجمعه ، جينما اذهب مع أبي لأقلده فى الجامع وهو يصلى .. يأخذني أبي من يدي ، وامي تودعني بنظرة اشفاق والدموع فى عينيها ، ولكنه طوال الطريق يبالغ فى تدليلى إلى أن نذهب إلى مكان غريب يشبه المكان الذى ولدت فيه ، ويجلسونني عنوة على السرير ويكتفونني .. ماهذا أنا لست مريضا ؟ ولكن .. آه .. آه .. ألم فظيع أصرخ صراخا رهيبا وأنهال بكلتا يدى على صدر أبي .. فى المساء أجلس فى حزن ممزوج بسعاده غريبة غارقاً بين كم غير معهود من اللعب والحلوي وقبلات أمي
المشهد الرابع
فى الطريق كنت ممسكا بيدها .. ثم متشبثاً بذيل جلبابها .. أشعر بأن هناك نية غدر قالت لى بصوتها الساحر .. المدرسة حلوة عشان تتعلم وتبقى شاطر قلت لها باكيا .. لأ .. مش عاوز أروح المدرسة خديني معاكي ، عند الباب تركتني ، ودفعتني داخل مبني ضخم له فناء فسيح تترقق فى عينيها وأخذوني ، وأنا أنظر إليها من بعيد .. وهي أيضا ، إلى أن اختفت عن ناظري .. فاسودت الدنيا فى عيني .. وظللت أبكي طوال اليوم .. ما أبشع الفراق
المشهد الخامس
قلت لها فى أسي .. لن أذهب إلي حفل المدرسة غداً .. قميصي متهرئ .. وكلهم سيرتدون ملابس جديدة .. قالت فى حزن عميق .. ربنا يسهلها إن شاء الله .. كانت الظروف لا تسمح .. ومالى أنا والظروف فى هذه السن المبكرة ؟ أنا أريد قميصاً .. فى الصباح الباكر أخذتني من يدى وذهبت إلى محل صغير فى السوق وخلعت خاتمها الوحيد من إصبعها وأعطته لرجل أعطاها نقوداً ، فأخذتني إلى المحل المجاور .. واشتريت القميص .. وخرجنا من المحل .. وأنا ارتدي القميص الجديد ، وقبل أن نصل إلى المدرسة قلت لها فى صفاقة .. نفسي فى البليلة
المشهد السادس – البداية الجديدة
تخرجت في الجامعة وصار لى شارب ، كان أبي الذي أصبح هو صديقي " الأنتيم " راقدا على السرير فى اللحظات الآخيرة .. قالوا انه فى غيبوبة ولم أصدقهم ، لأنه في عز غيبوبته كان يناديني .. وذهبت إليه فأمسك بيده المرتعشة شاربي وأخذ يعبث به فى سعادة ثم قال .. خلى بالك من ماما .. وأسلم الروح .. أخذتها فى أحضاني أحاول أن أحتوي انهيارها ، وشعرت يومها ، أنها ليست أمى ، إنها ابنتي .
No comments:
Post a Comment