بقلم يوسف معاطي
كنت عدواً للمرأة !!
من يجرؤ أن يقول أنه عدوها !! من يجسر أن يغالط قلبه وعقله ومشاعره ويدعي ذلك .. كل أعداء المرأة من قمم الفكر والأدب خدعونا .. تظاهروا بهذا العداء وحملوا اللقب المثير ( عدو المرأة ) بينما كانوا بداخلهم هائمين بها .. متيمين .
وأعجبت اللعبة المرأة نفسها .. أحبت هذا الاختراع الجديد فى المشاعر بعد أن شبعت من محبيها .. ديوان الغزل العربي هو أكبر ديوان فى مكتبتنا العربية .. قيس بن الملوح لانعرف أي شئ عنه سوي " ليلى العامرية " إن حياته كلها حب وقصائد غارقة فى العشق .. عاش عمره كله يصف ليلي ويتوسل إلى ليلي ويمر على بيت ليلى .. حتي إن خادمتها " ( عفراء ) صارت نجمة .. ذاب المسكين فى هذا الكيان الخرافى المهول .
وجميل بن معمر .. صار يعرف بحبيته .. وبرغم أنه ابن معمر , صار يطلق عليه جميل بثينه .. إنها تملكه .. برغم أنه الذى صنعها . وكثير عزة .. هذا .. لانعرف اسمه كثير إيه ؟! هو فقط كثير عزة .. وكان من الممكن أن تكتمل السلسلة .. محمود عواطف .. وأحمد فتحية , ولكن أتوقف قليلاً عند مفارقة مهمة : أين قصائد النساء اللاتي كتبنها فى الرجل .. يتغزلن فى جماله .. ورقته .. وسحره؟! إنها قليلة .. قليلة جدا فالمرأة تحب أن تسمع أكثر مما تتكلم .. وإذا أعطت فإن عطاءها صامت ليس له حس .. وبدأ الرجل يضيق بهذه المخلوقة الرائعه الناعمة التي خلق العالم من أجلها ; القصائد لها .. والروايات عنها .. والأغاني تغني لها .. وبدأ ينفعل .. ويثور في خلقه ضيق , وصرخ فيها نزار قولى .. انفعلى .. انفجري .. لا تقفى مثل المسمار .. ولم تزعل المرأة .. بالعكس أعجبها هذا العاشق الجديد وبدأت تغيظه اكثر .. تنكشه .. حتي ينفعل أكثر .
وفى كتاب العقاد .. ( هذه الشجرة ) .. صاروخ نووى موجه إلى المرأة , يصفها بالغباء وبالقبح , وبالنكد , وبأنها مخلوق حسى , جنسى لا يرقى إلى السمو الإنساني , وفى كتابه الإنسان الثاني اعتبرها رقم اثنين فى كل شئ وأنها مجرد ظل .. وأنها كما وصفها : المخلوق المستطيع بغيره , وفى كتابه ( جمع الأحياء ) . كتب عن القرد والثعلب و الأسد , وباقى الحيوانات ثم إذا به يفاجئنا بفصل خاص عن المرأة , وأصبح العقاد هو عدو المرأة رقم (1) فى القرن العشرين و وللحق كان رائعا فى هجومه على المرأة , بديعا لدرجة جعلتني صرت واحداً من اتباعه , حتي قبل أن أعرف أية امرأة فى حياتي , وقبل أن أنر بأية تجربة عاطفية , أصبحت عدوا لها , بل إنني كنت أرفض رفضا تاما بأن اجلس بجوار أى بنت فى المدرسة الابتدائية المشتركة التي كنت فيها , وكانت تلك الطريقة التي يعاقبونني بها فى الفصل حينما أتشاقى يقول المدرس وقد نفذ صبره مني : وفاء , أقعدي جنب يوسف فى التختة . وهنا بأه هات يا عياط وهات يا نهنهة , وأبتعد قدر المستطاع إلى حرف التختة كأن وفاء هذه ستخمد خنجراً فى جنبي .. وجاء العقاد بمنطقه العبقري ليؤكد لى أنني لا أقل عنه عداء للمرأة , كان عندي الفكرة وهو أعطاني المنهج , إلى أن قرأت له روايته الوحيدة , سارة قبل أن أقرأها سننت أسناني , قلت لنفسي بس , وريني يا أستاذ عملت فيها إيه , وأخذت أتخيل كيف جرجرها من شعرها وناولها بالبونية .. وعلقها من رجليها , بل ربما ربطها بسلسة , لايمكن أن يفعل أقل من ذلك , وألقيت بنفسي فى الرواية , ماذا حدث يا همام ؟! ( اسم بطل الرواية ) ألست أنت هو ؟! إنه يحبها بجنون .. يغير عليها بشدة , يتعذب يبكي , يسترسل فى وصفها بروعة , أين عداؤك الجبار يا أستاذ ؟! بعد إذنك .. أنت صدمتني .. هل بعت القضية ؟! سأذهب إلى توفيق الحكيم فهو عدو المرأة هو الآخر .. ولكنه أيضا ماهذا الذى يفعله ؟! يتنازل عن القضية قبل الحكم بدقيقة .. ويسدد رصاصة فى قلب الرجل من مجرد نظرة !! والبطلة فى الرواية تضحي بالدكتور الذي يتقدم للزواج منها والذى يبدو غنياً مقتدرا من أجل البطل الفقير المديون .. حتي أنت يا حكيم !! وإحسان عبد القدوس هو أيضا .. اعتبرها محورا أساسيا لأدبه وروايته .. إنه مشغول بها لدرجة فظيعه .. يحللها , يتوغل فيها , يشرحها , يلقى الضوء على كل ما خفى منها , وكأنها هي الكون كله , كأنها الفكرة الثابته التي يدور حولها كل شئ .
آه يا أساتذتي المبدعون , ماذا فعلتم ؟ هل تحبون المرأة بهذا الجنون قم تدعون أنكم اعداء المرأة ؟ لابد أن أعرف السبب , المسألة لابد وأن الذى يجعلكم تتراجعون هكذا , وأخيرا , وجدته , قبضت عليه .. وضعت إصبعي على المكان الصحيح , إنها الام .. أضعف نقظة فى قلب أى رجل .. وأقوى نقطة فى الوقت نفسه .. لايوجد مبدع واحد أو قمة من قمم الفن والفكر والأدب , ليس عنده ذلك الغرام الاستثنائي بتلك المرأة الاسطورة .. الأم.
قالوا إن الواحد لا يعرف قيمة أمه إلا حينما ينجب .. وأنا لا أحب هذه المقولة فهي أول وأعظم قيمة نراها طوال عمرنا .. أنجبنا أم لم ننجب .. يقولون إن الطفل لا يرى شيئا أول أربعين يوما بعد ولادته .. وإنما يسمع .. يسمع فقط , ونحن كلنا سمعنا أمهاتنا .. هي أول صوت .. وأول مشهد .. وأول ضحكة .. وأول دموع والأذن تعشق قبل العين دائنا وليس أحيانا.
ومن يومها كلما انبهرت بقمة من القمم .. فنان .. سياسي .. أديب .. أغمض عيني ولا أتخيله وإنما اتخيل أمه .. تلك المرأة أنجبت لنا هذا العبقري ياتري ما شكلها ؟ أحاول أن أرسم ملامحها .. هل هي تشبهه .. هل هو يشبهها ؟؟ ماذا أخذ منها ؟! وماذا أعطته ؟! وكيف سيطرت عليه وشكلته حتي صار فذا هكذا ؟
هؤلاء القمم فى كل المجالات ليس بينهم أى رابط .. كاتب .. مخترع .. مفكر .. فنان .. مخرج .. ممثل .. حزمة من الإبداع لا يربطها سوي شئ واحد فقط .. مجرد امرأة رائعة .. عاشت هي فى الظل ليتألقوا هم ويلمعوا ويصلوا إلى عنان السماء .. هذه المرأة .. هي الأم
ولنبدأ بالأم إذا .
يوسف معاطي
من يجرؤ أن يقول أنه عدوها !! من يجسر أن يغالط قلبه وعقله ومشاعره ويدعي ذلك .. كل أعداء المرأة من قمم الفكر والأدب خدعونا .. تظاهروا بهذا العداء وحملوا اللقب المثير ( عدو المرأة ) بينما كانوا بداخلهم هائمين بها .. متيمين .
وأعجبت اللعبة المرأة نفسها .. أحبت هذا الاختراع الجديد فى المشاعر بعد أن شبعت من محبيها .. ديوان الغزل العربي هو أكبر ديوان فى مكتبتنا العربية .. قيس بن الملوح لانعرف أي شئ عنه سوي " ليلى العامرية " إن حياته كلها حب وقصائد غارقة فى العشق .. عاش عمره كله يصف ليلي ويتوسل إلى ليلي ويمر على بيت ليلى .. حتي إن خادمتها " ( عفراء ) صارت نجمة .. ذاب المسكين فى هذا الكيان الخرافى المهول .
وجميل بن معمر .. صار يعرف بحبيته .. وبرغم أنه ابن معمر , صار يطلق عليه جميل بثينه .. إنها تملكه .. برغم أنه الذى صنعها . وكثير عزة .. هذا .. لانعرف اسمه كثير إيه ؟! هو فقط كثير عزة .. وكان من الممكن أن تكتمل السلسلة .. محمود عواطف .. وأحمد فتحية , ولكن أتوقف قليلاً عند مفارقة مهمة : أين قصائد النساء اللاتي كتبنها فى الرجل .. يتغزلن فى جماله .. ورقته .. وسحره؟! إنها قليلة .. قليلة جدا فالمرأة تحب أن تسمع أكثر مما تتكلم .. وإذا أعطت فإن عطاءها صامت ليس له حس .. وبدأ الرجل يضيق بهذه المخلوقة الرائعه الناعمة التي خلق العالم من أجلها ; القصائد لها .. والروايات عنها .. والأغاني تغني لها .. وبدأ ينفعل .. ويثور في خلقه ضيق , وصرخ فيها نزار قولى .. انفعلى .. انفجري .. لا تقفى مثل المسمار .. ولم تزعل المرأة .. بالعكس أعجبها هذا العاشق الجديد وبدأت تغيظه اكثر .. تنكشه .. حتي ينفعل أكثر .
وفى كتاب العقاد .. ( هذه الشجرة ) .. صاروخ نووى موجه إلى المرأة , يصفها بالغباء وبالقبح , وبالنكد , وبأنها مخلوق حسى , جنسى لا يرقى إلى السمو الإنساني , وفى كتابه الإنسان الثاني اعتبرها رقم اثنين فى كل شئ وأنها مجرد ظل .. وأنها كما وصفها : المخلوق المستطيع بغيره , وفى كتابه ( جمع الأحياء ) . كتب عن القرد والثعلب و الأسد , وباقى الحيوانات ثم إذا به يفاجئنا بفصل خاص عن المرأة , وأصبح العقاد هو عدو المرأة رقم (1) فى القرن العشرين و وللحق كان رائعا فى هجومه على المرأة , بديعا لدرجة جعلتني صرت واحداً من اتباعه , حتي قبل أن أعرف أية امرأة فى حياتي , وقبل أن أنر بأية تجربة عاطفية , أصبحت عدوا لها , بل إنني كنت أرفض رفضا تاما بأن اجلس بجوار أى بنت فى المدرسة الابتدائية المشتركة التي كنت فيها , وكانت تلك الطريقة التي يعاقبونني بها فى الفصل حينما أتشاقى يقول المدرس وقد نفذ صبره مني : وفاء , أقعدي جنب يوسف فى التختة . وهنا بأه هات يا عياط وهات يا نهنهة , وأبتعد قدر المستطاع إلى حرف التختة كأن وفاء هذه ستخمد خنجراً فى جنبي .. وجاء العقاد بمنطقه العبقري ليؤكد لى أنني لا أقل عنه عداء للمرأة , كان عندي الفكرة وهو أعطاني المنهج , إلى أن قرأت له روايته الوحيدة , سارة قبل أن أقرأها سننت أسناني , قلت لنفسي بس , وريني يا أستاذ عملت فيها إيه , وأخذت أتخيل كيف جرجرها من شعرها وناولها بالبونية .. وعلقها من رجليها , بل ربما ربطها بسلسة , لايمكن أن يفعل أقل من ذلك , وألقيت بنفسي فى الرواية , ماذا حدث يا همام ؟! ( اسم بطل الرواية ) ألست أنت هو ؟! إنه يحبها بجنون .. يغير عليها بشدة , يتعذب يبكي , يسترسل فى وصفها بروعة , أين عداؤك الجبار يا أستاذ ؟! بعد إذنك .. أنت صدمتني .. هل بعت القضية ؟! سأذهب إلى توفيق الحكيم فهو عدو المرأة هو الآخر .. ولكنه أيضا ماهذا الذى يفعله ؟! يتنازل عن القضية قبل الحكم بدقيقة .. ويسدد رصاصة فى قلب الرجل من مجرد نظرة !! والبطلة فى الرواية تضحي بالدكتور الذي يتقدم للزواج منها والذى يبدو غنياً مقتدرا من أجل البطل الفقير المديون .. حتي أنت يا حكيم !! وإحسان عبد القدوس هو أيضا .. اعتبرها محورا أساسيا لأدبه وروايته .. إنه مشغول بها لدرجة فظيعه .. يحللها , يتوغل فيها , يشرحها , يلقى الضوء على كل ما خفى منها , وكأنها هي الكون كله , كأنها الفكرة الثابته التي يدور حولها كل شئ .
آه يا أساتذتي المبدعون , ماذا فعلتم ؟ هل تحبون المرأة بهذا الجنون قم تدعون أنكم اعداء المرأة ؟ لابد أن أعرف السبب , المسألة لابد وأن الذى يجعلكم تتراجعون هكذا , وأخيرا , وجدته , قبضت عليه .. وضعت إصبعي على المكان الصحيح , إنها الام .. أضعف نقظة فى قلب أى رجل .. وأقوى نقطة فى الوقت نفسه .. لايوجد مبدع واحد أو قمة من قمم الفن والفكر والأدب , ليس عنده ذلك الغرام الاستثنائي بتلك المرأة الاسطورة .. الأم.
قالوا إن الواحد لا يعرف قيمة أمه إلا حينما ينجب .. وأنا لا أحب هذه المقولة فهي أول وأعظم قيمة نراها طوال عمرنا .. أنجبنا أم لم ننجب .. يقولون إن الطفل لا يرى شيئا أول أربعين يوما بعد ولادته .. وإنما يسمع .. يسمع فقط , ونحن كلنا سمعنا أمهاتنا .. هي أول صوت .. وأول مشهد .. وأول ضحكة .. وأول دموع والأذن تعشق قبل العين دائنا وليس أحيانا.
ومن يومها كلما انبهرت بقمة من القمم .. فنان .. سياسي .. أديب .. أغمض عيني ولا أتخيله وإنما اتخيل أمه .. تلك المرأة أنجبت لنا هذا العبقري ياتري ما شكلها ؟ أحاول أن أرسم ملامحها .. هل هي تشبهه .. هل هو يشبهها ؟؟ ماذا أخذ منها ؟! وماذا أعطته ؟! وكيف سيطرت عليه وشكلته حتي صار فذا هكذا ؟
هؤلاء القمم فى كل المجالات ليس بينهم أى رابط .. كاتب .. مخترع .. مفكر .. فنان .. مخرج .. ممثل .. حزمة من الإبداع لا يربطها سوي شئ واحد فقط .. مجرد امرأة رائعة .. عاشت هي فى الظل ليتألقوا هم ويلمعوا ويصلوا إلى عنان السماء .. هذه المرأة .. هي الأم
ولنبدأ بالأم إذا .
يوسف معاطي
No comments:
Post a Comment