كتب يوسف معاطى
الحال من بعضهأيها القارئ العزيز.. عفوا.. ما الذي جاء بك إلي هنا ؟! انت اشتريت الجريدة.. وطالعت بختك في البداية طبعا.. ثم مررت علي الوفيات وتنهدت في أسي.. والله الحي هو إللي تعبان واللي ماتوا استريحوا!! ثم ألقيت نظرة علي عناوين الأخبار فأدركت انك كنت تعرف ذلك كله مسبقا وشاهدته علي القنوات الفضائية امبارح بالليل.. ذهبت الي صفحات الرياضة وحقدت علي اللاعبين الذين يأخذون الملايين.. ثم دخلت علي صفحات الفن ربما لفت نظرك صورة لهيفاء وهبي أو نانسي عجرم.. توقفت عندها قليلا,
ثم قلبت الصفحة حينما دخلت عليك المدام وعدلت نظارتك.. وعملت نفسك مندمجا في قراءة الصفحة الاقتصادية.. ثم ها أنت معنا هنا.. في باب الساخر أهلا وسهلا.. انت طبعا تريد أن تضحك أو علي الأقل تبتسم.. فالهموم علي كتفيك تنوء بحملها الجبال.. لا أريد أن اقلب مواجعك.. الأحوال السياسية.. والدينية والأخلاقية والمادية.. كلها لا تسر.. باختصار انت تعبان.. قرفان.. مش طايق نفسك فقلت تروح ليوسف معاطي في الساخر تشوفه كاتب إيه النهارده.. علي الله ما يستظرفش.. انا مش ناقصه هو راخر حاكم اللطافة بأت ماليه البلد.
ولكن.. يا عزيزي.. عذرا.. هل تعتقد مثلا أنني فنزويلي أو من كوالالامبور ؟! ألست مقيما معك في نفس البلد يا عم الحاج.. آكل من أكلك وأشرب من شربك وملسوع من كل ما أنت ملسوع منه!! تأتي لي هكذا بكل بساطة.. وتفتح الباب.. مش هنا برضه باب الساخر!! هيا.. أضحكونا بأه.. حاضر.. عنيا أنا اعلم انها مهنة يعلم بيها ربنا.. تريد أن تضحك.. شوف يا سيدي: اترك نفسك لي تماما إنها مسألة غاية في البساطة.. افتح فمك واضحك ضحكة كبيرة مجلجله..
هكذا فجأة.. بدون أي مقدمات.. لا يهمك من هم حولك.. استغرق في الضحك حتي تدمع عيناك.. وابدأ هذا التمرين أمام المرآة.. وحدك.. بعد عدة مرات ستجيدها تماما.. ثم افعلها امام الجميع.. ولا تشغلنك نظرات الشك والريبة التي تحيط بك لا تهتم بأحد.. اضحك بلا سبب.. من أربع إلي خمس مرات يوميا علي الأقل في البداية سيندهش اولادك وزوجتك وأصدقاؤك.. لا تقلق سيعتادون ذلك بسرعة.. بل وسيشاركونك الضحك كمان دون ان يسألوا عن السبب اشياء كثيرة بدت غير منطقية حينما ظهرت.. ثم صارت شيئا عاديا جدا.. أخوك يفعل ذلك.. أنا أضحك كل ساعتين بالضبط..
لقد دربت فمي علي ذلك.. ما أن تأتي ساعة الضحك حتي تخرج الضحكة من فمي كما يخرج الديك من ساعة الحائط هكذا.. في اجتماع مهم.. في سرادق عزاء.. وأنا القي محاضرة.. وأنا ماشي لوحدي في الشارع.. والحمد لله لم يحدث لنا شيء.. لسه شغالين زي الفل.. اندهش قليلا الفنان فرج حسن وأنا اسلمه المقال حينما وجدني مسخسخ علي روحي من الضحك واعتقد إني شارب سيجارتين.. وابتسم عامل الأسانسير في خجل وهو يراني منفجرا في ضحكة طويلة وقال لي سائق التاكسي وهو يتأملني وأنا أضحك.. ربنا يحظك يا بيه.. هي مش ناقصة عكننة صحيح!!..
ولماذا يعني الضحك هو الذي نبحث له عن سبب حتي لا يصبح قلة أدب ؟! وهل تري سيادتك منطقا أو مبررا لكل ما حولنا من متناقضات ؟! إننا لا نري سوي قلة أدب من غير سبب.. شيء عجيب إننا لا نلتفت إلي رجل يبكي وحده.. بينما يلفت نظرنا رجل يضحك وحده.. بعد إذنك يا عزيزي.. ميعاد الضحك فات.. وليكن في معلومك أن الكل يفعل مثلي الآن.. وستصبح انت الكئيب الوحيد.. هل تعلم حقيقة ما حدث في وسط البلد.. لا لم يكن تحرشا جنسيا.. كان المواطنون يزغزغون بعضهم بعضا..
No comments:
Post a Comment