Sunday, April 20, 2008

الحال من بعضه

كتب يوسف معاطى
الحال من بعضه

أيها القارئ العزيز‏..‏ عفوا‏..‏ ما الذي جاء بك إلي هنا ؟‏!‏ انت اشتريت الجريدة‏..‏ وطالعت بختك في البداية طبعا‏..‏ ثم مررت علي الوفيات وتنهدت في أسي‏..‏ والله الحي هو إللي تعبان واللي ماتوا استريحوا‏!!‏ ثم ألقيت نظرة علي عناوين الأخبار فأدركت انك كنت تعرف ذلك كله مسبقا وشاهدته علي القنوات الفضائية امبارح بالليل‏..‏ ذهبت الي صفحات الرياضة وحقدت علي اللاعبين الذين يأخذون الملايين‏..‏ ثم دخلت علي صفحات الفن ربما لفت نظرك صورة لهيفاء وهبي أو نانسي عجرم‏..‏ توقفت عندها قليلا‏,‏

ثم قلبت الصفحة حينما دخلت عليك المدام وعدلت نظارتك‏..‏ وعملت نفسك مندمجا في قراءة الصفحة الاقتصادية‏..‏ ثم ها أنت معنا هنا‏..‏ في باب الساخر أهلا وسهلا‏..‏ انت طبعا تريد أن تضحك أو علي الأقل تبتسم‏..‏ فالهموم علي كتفيك تنوء بحملها الجبال‏..‏ لا أريد أن اقلب مواجعك‏..‏ الأحوال السياسية‏..‏ والدينية والأخلاقية والمادية‏..‏ كلها لا تسر‏..‏ باختصار انت تعبان‏..‏ قرفان‏..‏ مش طايق نفسك فقلت تروح ليوسف معاطي في الساخر تشوفه كاتب إيه النهارده‏..‏ علي الله ما يستظرفش‏..‏ انا مش ناقصه هو راخر حاكم اللطافة بأت ماليه البلد‏.‏

ولكن‏..‏ يا عزيزي‏..‏ عذرا‏..‏ هل تعتقد مثلا أنني فنزويلي أو من كوالالامبور ؟‏!‏ ألست مقيما معك في نفس البلد يا عم الحاج‏..‏ آكل من أكلك وأشرب من شربك وملسوع من كل ما أنت ملسوع منه‏!!‏ تأتي لي هكذا بكل بساطة‏..‏ وتفتح الباب‏..‏ مش هنا برضه باب الساخر‏!!‏ هيا‏..‏ أضحكونا بأه‏..‏ حاضر‏..‏ عنيا أنا اعلم انها مهنة يعلم بيها ربنا‏..‏ تريد أن تضحك‏..‏ شوف يا سيدي‏:‏ اترك نفسك لي تماما إنها مسألة غاية في البساطة‏..‏ افتح فمك واضحك ضحكة كبيرة مجلجله‏..‏

هكذا فجأة‏..‏ بدون أي مقدمات‏..‏ لا يهمك من هم حولك‏..‏ استغرق في الضحك حتي تدمع عيناك‏..‏ وابدأ هذا التمرين أمام المرآة‏..‏ وحدك‏..‏ بعد عدة مرات ستجيدها تماما‏..‏ ثم افعلها امام الجميع‏..‏ ولا تشغلنك نظرات الشك والريبة التي تحيط بك لا تهتم بأحد‏..‏ اضحك بلا سبب‏..‏ من أربع إلي خمس مرات يوميا علي الأقل في البداية سيندهش اولادك وزوجتك وأصدقاؤك‏..‏ لا تقلق سيعتادون ذلك بسرعة‏..‏ بل وسيشاركونك الضحك كمان دون ان يسألوا عن السبب اشياء كثيرة بدت غير منطقية حينما ظهرت‏..‏ ثم صارت شيئا عاديا جدا‏..‏ أخوك يفعل ذلك‏..‏ أنا أضحك كل ساعتين بالضبط‏..‏

لقد دربت فمي علي ذلك‏..‏ ما أن تأتي ساعة الضحك حتي تخرج الضحكة من فمي كما يخرج الديك من ساعة الحائط هكذا‏..‏ في اجتماع مهم‏..‏ في سرادق عزاء‏..‏ وأنا القي محاضرة‏..‏ وأنا ماشي لوحدي في الشارع‏..‏ والحمد لله لم يحدث لنا شيء‏..‏ لسه شغالين زي الفل‏..‏ اندهش قليلا الفنان فرج حسن وأنا اسلمه المقال حينما وجدني مسخسخ علي روحي من الضحك واعتقد إني شارب سيجارتين‏..‏ وابتسم عامل الأسانسير في خجل وهو يراني منفجرا في ضحكة طويلة وقال لي سائق التاكسي وهو يتأملني وأنا أضحك‏..‏ ربنا يحظك يا بيه‏..‏ هي مش ناقصة عكننة صحيح‏!!..‏

ولماذا يعني الضحك هو الذي نبحث له عن سبب حتي لا يصبح قلة أدب ؟‏!‏ وهل تري سيادتك منطقا أو مبررا لكل ما حولنا من متناقضات ؟‏!‏ إننا لا نري سوي قلة أدب من غير سبب‏..‏ شيء عجيب إننا لا نلتفت إلي رجل يبكي وحده‏..‏ بينما يلفت نظرنا رجل يضحك وحده‏..‏ بعد إذنك يا عزيزي‏..‏ ميعاد الضحك فات‏..‏ وليكن في معلومك أن الكل يفعل مثلي الآن‏..‏ وستصبح انت الكئيب الوحيد‏..‏ هل تعلم حقيقة ما حدث في وسط البلد‏..‏ لا لم يكن تحرشا جنسيا‏..‏ كان المواطنون يزغزغون بعضهم بعضا‏..

No comments: