كتب يوسف معاطي
بالشبه
.. كنت أستطيع أن أفهم مايستعصي فهمه من التعبيرات العربية الغريبة بالنسبة لي.. فإذا قال لي أحدهم إشي لونك!! أو شخبارك!! كنت أقوم بعملية تمصير فوري للكلمة إيش مثلا.. يمكن أن تكون أيه.. أيه لونك؟! يمكن هنا أن نترجمها.. عامل إيه.. وشخبارك تبأه ايه الأخبار!! وإذا كنا في تونس مثلا.. وقال لي أحدهم.. يعيشك.. أستطيع أن أمصرها الي.. الله يخليك.. وحينما سألني أحدهم في تونس برضه.. أنت معرس!! لم أندهش.. رددت الكلمة فورا إلي المصدر.. وفهمت انه يسألني.. أنت متزوج!! وقلت عن طيب خاطر.. معرس طبعا.. وحتي في تركيا.. برغم أنني لا أعرف اللغة التركية.. استطعت أن أفهم.. وأن أتكلم مع أصدقائي هناك بكل سلاسة..
طالما أن لهجتنا المصرية لاتخلو برضه من تمام.. أفندم.. مضبوط.. تاكميم البيس( يعني طقم ملابس) تاكسيت..( تقسيط طبعا مش عاوزة فكاكة) ولهجتنا المصرية لهجة جامعة شاملة.. يفهمها كل الأشقاء العرب وكثيرا مايتكلمون بها خصوصا في مصر أو مع المصريين.. ولاشك أن الاستعمار كان هو السبب المباشر في هذا الاختلاف في اللهجات, والذي أدي إلي اختلاف في المواقف والآراءوأوصلنا الي حالة عامة من سوء الفهم وسوء التفاهم.. ورغم كل شئ.. ظلت العامية المصرية.. لهجة بها كثير من الجماليات وهي الأقدر علي التأثير في الأغاني والأفلام والمسرحيات..
وفجأة.. قومنا من النوم الصبح ياعم الحاج فإذا بالناس يتكلمون بطريقة عجيبة.. قالوا شبابية.. الشفاة تتحرك بسرعة شديدة ويدلقون الكلام من أفواههم دلقا.. وبصرف النظر عن الألفاظ التي أضيفت الي قاموس العامية مثل روش وطحن وبيئة وأحلق ونفض.. إلي آخره.. ولكن المصيبة في استخدام بعض الألفاظ التي كنا نستخدمها في أغراض عكسية.. مثلا يعني.. كلمة.. فظيع هذه.. أنا علي ما أذكر كانت تعني شيئا سيئا جدا.. وفظيعا لايطاق.. أما أن تقول لي إحداهن.. بصراحة كاظم الساهر فظيع.. وهي تعني أنها معجبة به.. فهذا شئ لا أفهمه..
ثم تقول عمل أغنية جامدة قوي.. وأندهش أكثر.. جامدة!! الجمود شئ سئ أيضا!! ثم تقول.. الكلام حلو موت!! يانها أسود.. وهل الموت حلو؟! وهكذا بدأت المعاني تنزلق من علي الكلام وصارت الألفا القبيحة تعني الجمال.. فهذا مطرب صايع صايع أي أنه متمكن من أدواته وهذه مطربة سافلة.. سافلة... أي أنها عصرية جدا وهذا ملحن كافر وهذا مخرج عربجي وهذا مكان معفن طحن.. أي أنه مكان ستايل وروش وهذه تقول لي بسعادة( مش عارف ليه) أنا أصلي كده مهيسة علطول.. الآنسة فخورة بعدم التركيز والمخ الضايع!!
وأخري تقول لي.. كنا بناكل تشاينيز فود إنما أيه قلة أدب.. انزعج وأسألها وحش للدرجة دي.. ترد باستغراب.. وحش إيه.. بقولك قلة أدب.. يجنن يعني..
وحضرته يقول لي.. أما شفت فيلم إمبارح.. ابن كلاب.. فأسأله بسذاجة ولماذا لم يعجبك.. ينظر لي مندهشا ويقول لي.. بقولك ابن كلاااااب.. وطلع الفيلم عاجبه.. تصوروا.. ألا توجد طريقة يعبر بها عن إعجابه سوي أن الفيلم ابن كلاب.. وهكذا يا أعزائي.. صرت أفهم اللهجة الخليجية والليبية وحتي المغربية بسهولة شديدة.. بالشبه كده.. بينما صرت عاجزا عن فهم لهجتنا المصرية الجديدة.. ولذا فأنني أرجوكم إذا أردتم أن تعبروا عن إعجابكم بكاتب هذا المقال مثلا.. إذا حصل هذا.. فبلاش ندخل الأب والأم في الإعجاب..
No comments:
Post a Comment