Thursday, July 12, 2007

دي حكايتي مع الزمن

كتب يوسف معاطي

دي حكايتي مع الزمن

اعتاد أمثالنا من ذوي النضوج والخبرة‏..‏ علي أن نعكنن علي الجيل الجديد ونكرهه في عيشته‏..‏ لأنه لم يعش أيامنا الجميلة وزماننا اللي ما حصلش‏..‏ هوه انتوا شفتوا حاجة‏..‏ ولا كلتوا ولا شربتوا‏..‏ هوه انتوا زمانكوا ده فيه حاجة‏!!‏ جتكوا البلا‏..‏ واعتاد أبناء الجيل الجديد‏..‏ أن يستمعوا للحكايات الوهمية التي نحكيها عن الأيام الجميلة التي عشناها‏..‏ والتي لم يعشها هذا الجيل الفقري‏..‏ ويحلو لنا‏(‏ غالبا‏)‏ كآباء وأمهات أن نقدم أنفسنا لأبنائنا‏(‏ المساكين‏)‏ في صورة نموذجية‏..‏ حيث إننا جميعا كنا شبابا ملتزمين‏..‏ مكافحين‏..‏ مؤدبين‏..‏ وأنهم للأسف‏..‏ مش عارفين العيال الجداد‏..‏ طالعين كده ليه بس‏!!‏

واسمحوا لي أن أواجه ابنتي ذات الأعوام الستة‏,‏ أو بالأحري أواجه نفسي بالحقيقة‏..‏ لا يابنتي‏..‏ لم نعش أياما جميلة ولا حاجة وعشنا أياما زي الطين‏..‏ وأني لأحقد عليك أنت وجيلك من كل قلبي‏..‏ ولولا المعزة التي بيننا‏..‏ لكان لي معك شأن آخر‏..‏ الشيكولاتات التي تلقي عند قدميك هذه‏..‏ لم تكن نسمع عنها من أصله‏..‏ والأكل الذي تأكلينه يا عزيزتي‏..‏ محدش في أهلك شافه من أصله‏..‏ وحكاية إن أكل زمان كان بيمري وكان فيه بركة والكلام الفارغ ده ليس صحيحا‏..‏ الشوربة التي أبوس رجلك حتي تشربيها كنت أبوس رجل أمي حتي تتحفني بشوية سخنين بلسان العصفور ولم يكن في استطاعتها‏.‏ آلاف الجنيهات التي أدفعها لحضرتك في كي‏.‏جي‏.‏وان وكي‏.‏جي‏.‏تو‏..‏ لم يدفعها لي أبي منذ يوم ولادتي وحتي تزوجت وأنجبت سيادتك‏..‏ بالنسبة للملابس يا آنسة فأنا لم أشأ أن أفرجك علي صوري وأنا في المرحلة الابتدائية‏..‏ حتي لا تتصوري أن لأبيك جذورا صومالية‏..‏ وإذا دققت في الصورة‏..‏ فستجدي أن القميص الذي كنت أرتديه يبدو فضفاضا بعض الشيء‏..‏ لا لم يكن ذلك علي سبيل الفاشون‏..‏ وإنما لأنه كان قميص الوالد الله يرحمه‏..‏ وكان يتنقل ـ كتر خيره ـ من الأب للابن الأكبر حتي يصل لي وكنت أصغر إخوتي الصبيان مارا بكل مراحل التعليم‏..‏

نأتي لمسألة اللعب‏..‏ لم يحدث أنني اشتريت لعبة في أي يوم من الأيام‏..‏ حيث إن الطفل الذي يطلب لعبة كان يعد في أيامنا من المشبوهين في عالم الأطفال‏..‏

بالنسبة للريموت الذي تمسكين به بيدك وتحركين القنوات‏..‏ وترين الكارتون‏..‏ وسندريللا وتويتي وتوم وجيري‏..‏ معتبرة أن هذا يعد أمرا واقعا‏..‏ أحب أن أؤكد لسيادتك‏..‏ أنني عرفت ميكي علي كبر‏..‏ ولم أكن أقتني المجلة بل كنت أستعيرها وأقرأها‏(‏ بحرص شديد‏)‏ ثم أعيدها لبائعها الذي كان خبيرا في رفع البصمات‏..‏ ولذا يجب أن تعرفي أن زمانك أحسن من زماننا بكثير‏..‏ وأن الباص والميس والبارتي‏..‏ والويك إند‏..‏ كل هذه الأشياء لم تكن في قاموس أبوكي طول عمره‏..‏ أما الصورة النموذجية التي تحاول مامي أن تقولها لكي فيما يختص بالتزام بابي وأدب بابي‏..‏ وأخلاق بابي‏..‏ فهذه أيضا كذبة كبري‏..‏ لا لم أكن مؤدبا يا آنسة‏..‏ ماذا تنتظرين من طفل يلعب طول الليل في الشارع حافيا كرة شراب‏!!‏ أرجوكي لا تسأليني ببراءتك ذلك السؤال الذي يغيظني‏..‏ وليه يا بابي ما كنتش بتروح نادي الجزيرة‏!!‏ أما بالنسبة لحكاية أني دائما كنت من الأوائل‏..‏ فهذه حقيقة‏..‏ ولم يكن هذا نابعا من ذكائي المتوقد أو نبوغي المبكر‏..‏ إطلاقا‏..‏ كان الذي يرسب أيامنا يا عزيزتي‏..‏ ليس أمامه أي فرص أخري‏..‏ الواد مش نافع في الدراسة نشوف له أي شغلانة يتعلمها‏..‏ وأنا إمكاناتي اليدوية كانت محدودة للغاية‏..‏ ولذا لم يكن هذا اجتهادا في الدراسة وإنما كان نوعا من تنفيذ الأحكام‏..‏ أما بخصوص ميس إنجي الخواجاية الجميلة التي تدرس لك‏..‏ وتشترين لها‏(‏ علي حسابي‏)‏ هدية عيد الأم كل عام فيقابلها في حياتي الأستاذ عبدالغفار الذي كان يبدأ حصته دائما‏..‏ بمد الفصل كله علي رجليه‏..‏

عيشي يا ابنتي حياتك وتمتعي بها‏..‏ لقد حكيت لك حكايتي‏..‏ فلم يكن زماننا جميلا ولا قطران‏..‏ زمانكم أنتم هو الأجمل‏..‏ وهذا ليس كلامي أنا‏..‏ هذا ما قاله لي أبي الله يرحمه‏..‏ وأنا في نفس عمرك تقريبا‏..‏ حينما كان يتعجب من الإمكانات المهولة المتاحة لطفل مدلل مثلي جاء إلي الدنيا ليجد كل شيء يقدم له علي ملعقة من ذهب‏..‏

وأنا لن أحكي لك حكاية أبي‏..‏ أحسن تطبقيلي بريزة في إيدي وأنا قايم

1 comment:

break said...

ايه الفضايح دى
اظهر وبان عليك الامان
انا هقوم استفهم من ماما دلوقتى على كل حاجة

ابئا اشكرلى يوسف معاكى بالنيابة عنى
واديله بقشيش وضفه ع الحساب