دي حكايتي مع الزمن
اعتاد أمثالنا من ذوي النضوج والخبرة.. علي أن نعكنن علي الجيل الجديد ونكرهه في عيشته.. لأنه لم يعش أيامنا الجميلة وزماننا اللي ما حصلش.. هوه انتوا شفتوا حاجة.. ولا كلتوا ولا شربتوا.. هوه انتوا زمانكوا ده فيه حاجة!! جتكوا البلا.. واعتاد أبناء الجيل الجديد.. أن يستمعوا للحكايات الوهمية التي نحكيها عن الأيام الجميلة التي عشناها.. والتي لم يعشها هذا الجيل الفقري.. ويحلو لنا( غالبا) كآباء وأمهات أن نقدم أنفسنا لأبنائنا( المساكين) في صورة نموذجية.. حيث إننا جميعا كنا شبابا ملتزمين.. مكافحين.. مؤدبين.. وأنهم للأسف.. مش عارفين العيال الجداد.. طالعين كده ليه بس!!
واسمحوا لي أن أواجه ابنتي ذات الأعوام الستة, أو بالأحري أواجه نفسي بالحقيقة.. لا يابنتي.. لم نعش أياما جميلة ولا حاجة وعشنا أياما زي الطين.. وأني لأحقد عليك أنت وجيلك من كل قلبي.. ولولا المعزة التي بيننا.. لكان لي معك شأن آخر.. الشيكولاتات التي تلقي عند قدميك هذه.. لم تكن نسمع عنها من أصله.. والأكل الذي تأكلينه يا عزيزتي.. محدش في أهلك شافه من أصله.. وحكاية إن أكل زمان كان بيمري وكان فيه بركة والكلام الفارغ ده ليس صحيحا.. الشوربة التي أبوس رجلك حتي تشربيها كنت أبوس رجل أمي حتي تتحفني بشوية سخنين بلسان العصفور ولم يكن في استطاعتها. آلاف الجنيهات التي أدفعها لحضرتك في كي.جي.وان وكي.جي.تو.. لم يدفعها لي أبي منذ يوم ولادتي وحتي تزوجت وأنجبت سيادتك.. بالنسبة للملابس يا آنسة فأنا لم أشأ أن أفرجك علي صوري وأنا في المرحلة الابتدائية.. حتي لا تتصوري أن لأبيك جذورا صومالية.. وإذا دققت في الصورة.. فستجدي أن القميص الذي كنت أرتديه يبدو فضفاضا بعض الشيء.. لا لم يكن ذلك علي سبيل الفاشون.. وإنما لأنه كان قميص الوالد الله يرحمه.. وكان يتنقل ـ كتر خيره ـ من الأب للابن الأكبر حتي يصل لي وكنت أصغر إخوتي الصبيان مارا بكل مراحل التعليم..
نأتي لمسألة اللعب.. لم يحدث أنني اشتريت لعبة في أي يوم من الأيام.. حيث إن الطفل الذي يطلب لعبة كان يعد في أيامنا من المشبوهين في عالم الأطفال..
بالنسبة للريموت الذي تمسكين به بيدك وتحركين القنوات.. وترين الكارتون.. وسندريللا وتويتي وتوم وجيري.. معتبرة أن هذا يعد أمرا واقعا.. أحب أن أؤكد لسيادتك.. أنني عرفت ميكي علي كبر.. ولم أكن أقتني المجلة بل كنت أستعيرها وأقرأها( بحرص شديد) ثم أعيدها لبائعها الذي كان خبيرا في رفع البصمات.. ولذا يجب أن تعرفي أن زمانك أحسن من زماننا بكثير.. وأن الباص والميس والبارتي.. والويك إند.. كل هذه الأشياء لم تكن في قاموس أبوكي طول عمره.. أما الصورة النموذجية التي تحاول مامي أن تقولها لكي فيما يختص بالتزام بابي وأدب بابي.. وأخلاق بابي.. فهذه أيضا كذبة كبري.. لا لم أكن مؤدبا يا آنسة.. ماذا تنتظرين من طفل يلعب طول الليل في الشارع حافيا كرة شراب!! أرجوكي لا تسأليني ببراءتك ذلك السؤال الذي يغيظني.. وليه يا بابي ما كنتش بتروح نادي الجزيرة!! أما بالنسبة لحكاية أني دائما كنت من الأوائل.. فهذه حقيقة.. ولم يكن هذا نابعا من ذكائي المتوقد أو نبوغي المبكر.. إطلاقا.. كان الذي يرسب أيامنا يا عزيزتي.. ليس أمامه أي فرص أخري.. الواد مش نافع في الدراسة نشوف له أي شغلانة يتعلمها.. وأنا إمكاناتي اليدوية كانت محدودة للغاية.. ولذا لم يكن هذا اجتهادا في الدراسة وإنما كان نوعا من تنفيذ الأحكام.. أما بخصوص ميس إنجي الخواجاية الجميلة التي تدرس لك.. وتشترين لها( علي حسابي) هدية عيد الأم كل عام فيقابلها في حياتي الأستاذ عبدالغفار الذي كان يبدأ حصته دائما.. بمد الفصل كله علي رجليه..
عيشي يا ابنتي حياتك وتمتعي بها.. لقد حكيت لك حكايتي.. فلم يكن زماننا جميلا ولا قطران.. زمانكم أنتم هو الأجمل.. وهذا ليس كلامي أنا.. هذا ما قاله لي أبي الله يرحمه.. وأنا في نفس عمرك تقريبا.. حينما كان يتعجب من الإمكانات المهولة المتاحة لطفل مدلل مثلي جاء إلي الدنيا ليجد كل شيء يقدم له علي ملعقة من ذهب..
وأنا لن أحكي لك حكاية أبي.. أحسن تطبقيلي بريزة في إيدي وأنا قايم
1 comment:
ايه الفضايح دى
اظهر وبان عليك الامان
انا هقوم استفهم من ماما دلوقتى على كل حاجة
ابئا اشكرلى يوسف معاكى بالنيابة عنى
واديله بقشيش وضفه ع الحساب
Post a Comment