Sunday, July 29, 2007

وماذا فعلنا بها؟

كتب يوسف معاطي
وماذا فعلنا بها ؟


من أسخف الأشياء التي أواجهها في حياتي .. تلك الطريقة في الكلام التي يتبعها بعض الناس .. فهذا مثلاً
يقول لي .. امبارح كنت عند أختي .. ثمّ يسألني هو دون أيّ مناسبة : كنت عند مين ؟ فأضطر متثاقلاً أن أردّ..
عند أختك .. يقول كويّس .. لقيتها كده مش في حالة مظبوطة .. مش في حالة إيه ؟! ويجب طبعاً أن أردّ قائلاً :
مظبوطة .. ثمّ يقول : بس قلت .. باين جوزها اتخانق معاها .. جوزها اتخانق إيه ؟! أقول : معاها ..
ولكم أن تتصوّروا هذا القلق الذي يفرضه عليّا محدّثي .. بأن أردّد وراءه كلّ ما يريد .. وبما أنّنا نعيش أيّام
الإصلاح والديموقراطيّة فإنّي أهدّد كلّ من تسوّل له نفسه ويحادثني بهذه الطريقه .. أن أبلّغ عنه وأتّهمه بأنّه
كان أحد الإرهابيّين الذين قاموا بعمليّة 11 سبتمبر .. إيه ؟! سبتمبر.
ولأنّنا نعيش أيّام الإصلاح .. وكلّنا شعوباً وحكّاماً لا حديث ولا عمل لنا سوى الإصلاح .. فاسمحوا لي أن
أذكّركم بأنّ الإصلاح لا يبدأ فعليّاً إلاّ بالمكاشفة .. لنواجه أنفسنا بكلّ صراحة .. ولنعترف أنّنا ـ كمواطنين
عرب ـ تنقصنا دقّة الملاحظة .. دقّة إيه ؟! الملاحظة .. والذي أكّد لي هذا أنّ الوزراء والحكّام العرب ريقهم
نشف وهم يقسمون بأنّ مسيرة الإصلاح هذه ليست وليدة اليوم ، بينما هي بدأت بالفعل منذ سنوات عديدة ..
لم يصدّق أحد ذلك .. وكرّروا لنا كثيراً أنّه لا توجد أدنى علاقة أو ربط بين بين المشروع الأمريكي بالإصلاح
وبين الإصلاح الذي وُضعت أساساته عندنا في المنطقة منذ زمن بعيد ولم يشغر أحد .. ولم يلاحظ ذلك ..
يعني العمارة موجودة بأساساتها .. والبناء شامخ أمامكم ولكن لا يزال على الطوب الأحمر .. يتبقّى فقط
الدهان والشبابيك والأبواب ولكن هل تستطيع أن تنكر أنّك ترى أمامك عمارة .. أمامك إيه ؟! ما تردّ ؟!
عمارة ..
لا يا سيدي .. عندنا ديموقيراطيّة وعندنا حرّية وعلى أعلى مستوى وإذا كنّا أخذنا الأمريكان على قدّ عقلهم
وقولنا ـ قلنا ـ حاضر .. سنسير في الإصلاح فليس معنى هذا أنّنا لا سمح الله لا تتوافر لدينا الديموقراطيّة ..
وإنّما .. خلّيك معايا .. معاك عربيّة .. وماشي بيها على الطريق .. سقفت منّك وقت بأصلها .. وقفت انت
ماذا تريد ؟! تريد إصلاح العربيّة طبعاً .. إنّما في الأساس .. فيه إيه ؟! ما تردّ ؟! عربيّة .. كويس .. بدأت
تفهمني ..المشكلة إنّنا .. زمان ـ حينما حينما وزّعنا الديموقراطيّة على المواطن العربي .. كان لا يزال
حديث العهد بها ..كلّ مواطن استلم ديموقراطيّته ووضعها في جيبه ومشى .. لا يعرف ما هذا .. ولا يعرف
كيف يتصرّف بها .. وهذه غلطتنا .. كان يجب قبل أن نوزّعها على المواطنين أن نعرّفهم بها أوّلاً .. للأسف
لم نلتفت لذلك وقتها .. وكانت مهزلة حقيقيّة .. حاجة تكسف صحيح .. بعضهم أخذها وأخذ يقلّب فيها بين يديه
وقال لزميله ودي نعمل بيها إيه .. تصوّر !! معه ديموقراطيّة ولا يدري ماذا يفعل بها .. والبعض الآخر
استخدمها ليسند بيها رجل ترابيزة .. وأحدهم أكلها !! تصوّر !! أكل الديموقراطيّة !!
هؤلاء الناس لو تركت لهم الرصيف دون حراسة لأكلوه .. وآخر أخذ يلوكها في فمه .. يظنّها لبانة ..أنت تعرف
طبعاً أنّ الديموقراطيّة مطّاطة بعض الشيء .. وكعادتنا نحن الشرقيّين شعوب استهلاكيّة .. و( يقسم ) يا أخي
ديموقراطيّة سنة خلّصوا عليها في شهر !! والآن حينما سمعتم أمريكا تنادي بتوفير الديموقراطيّة للشعوب ..
مشيتم مع الهوجة .. وقلتم آه .. فعلاً .. ما عندناش .. ما شفنهاش ..
آه يا ناكري المعروف .. لم تروا الديموقراطيّة يا ( .... ) ؟! لم تمارسوها يا ظلمة .. وهذه الأطباق التي تعلو
البيوت والأفلام التي تنزل بالكامل مش مقطوع منها منظر من يشاهدها ؟! وروبي ونانسي عجرم وإليسا
وهيفاء وهبي .. ماذا يفعلن أكثر من ذلك !! والقنوات التي تصوّر الحياة اليوميّة لشباب قاعدين على راحتهم
أمامك أربعاً وعشرين ساعة .. هم يتصرّفون بحريّة وأنت تشاهدهم بحريّة .. ماذا تريد أكثر من ذلك .. فعلاً
نحن شعوب تخاف ما تختشيش .. إذا قالوا فيه زيت في الجمعيّة تلاقي أمم واقفة وكلّه بيقول أنا ما خدتش ..
حتّى عبد الحليم .. يغنّي يا مفرّقين الشموع .. قلبي نصيبه فين ؟!
هكذا بعد عشرات السنين .. وحكّامكم يزرعون لكم الديموقراطيّة وأنتم تنزلوز عليها كالجراد حتّى تأتوا عليها
تماماً .. ثمّ بعد ذلك تنكرون .. عموماً أنتم لا ينفع معكم الإيد السايبة .. بطاقات التموين عادت مرّة أخرى
وستنزل الديموقراطيّة على البطاقة .. وأحذّركم من الآن أن تبيعوا الديموقراطيّة المدعومة في السوق
السودا .. مفهوم !! في السوق إيه ؟!!


1 comment:

Nani said...

السلام عليكم
انا مبسوطة اوي بزيارتك ليا
وبحد الكلام الي قلته عن الديموقراطية والشعب العربي صحيح يعني ينفع تدي عيل مابيفهمش مسدس يلعب بيه؟
يعني حتى لو شرحتلو اكتر من مرة مش بينفع لازم انه يتدرج بالمسؤولية والتعليم لحد ما يقدر يحمل سلاح يعرف قيمته ويعرف ازاي يستعمله لمصلحته مش عشان يازي الي حوليه، لأ ده عشان يحمي ويبني
مرسي على مرورك اللطيف